🖋️ عادة حينما نستحسن فعل شيء او وضع شيء أن هذا الأمر ( لابق) أي أنه فعلا في محله او مكانه الأنسب.
هذا المعنى الجميل جزء منه فكري وجزء علمي وجزء سلوكي. وبين هذه الأنواع صنوف مختلفة ومتنوعة من اللباقة واللياقة والأناقة في شتى مجالات ومستويات الحياة الشخصية والاجتماعية.
اللباقة على وجه العموم هي:
الفطنة وحسن التصرُّف بين النّاس .. وعلامتها التقدير المناسب لما يتم قولُه وفعلُه أو يحسن تجنُّبه في العلاقات الإنسانية.
هي اللطافة والظرافة والذكاء والفطنة في التصرفات سواء في الفعل او الترك.
اللباقة سمة أنيقة وعميقة تعكس حسا راقيا لكل من يتصف بها.
وهنا مجمل لتفاصيل اللباقة في الحياة:
على مستوى الأسرة
ان تنشر الابتسامة في جنبات البيت لباقة .. وأن تفاجئ من في الأسرة بما يحبون لباقة وأن تهيء الأجواء للجلوس بما لذ وطاب لباقة.
أن تجلس مع والديك وتقدم لهم بكل لطف ما يشتهون لباقة .. وأن تداعبهم كي يبتسمون لباقة .. وان لا تتقدم عليهم في مأكل او مشرب .. كما لا تنتهي منه قبلهم لياقه .. وأن تشعرهم بالاهتمام لكل ما يحتاجون لباقة .. ( آمر .. ياغالي .. من عيوني .. سم وأبشر .. جزيت الجنة) وقبل الخروج ( تأمرون بشيء) كلها ألفاظ لباقة .. نعم هذا من روائع البر .. لكن البر يزيد حسنا بالنية مع اللباقة.
في معية الأحبة والأصدقاء والموظفين
ما أكثر تصرفات اللباقة تأكيدا لاستدامة الصداقة .. أن تشعر كل واحد منهم بحبه ومكانته لباقة وأن تؤكد ذلك بمزحة او لفتة او هدية أو رسالة واتس او تغريدة كلها من لفتات اللباقة:
( كيف نحن من دونك.. ما أجمل وجودك ..ياحبي لك .. انت تضفي على المكان كمالا وجمالا .. يااااه افتقدنا بسمتك وطلتك). أن تثني على ما لديه لباقة ..
الجفاء والجفاف من مفسدات اللباقة
أن تغض طرفك عن عفوية الأخطاء مع الأصحاب لباقة .. وأن يشعر الجميع بجاهزيتك لأي مشاركة فيها تعزيز الألفة ورفع الكلفة لباقة .. وأن تثني على جهودهم وخدماتهم ( ما قصرت .. ما احسن صنيعك اليوم .. يا لجمال موقفك وخدمتك مع فلان ) كلها لمسات راقية في اللباقة. أن لا تكون قطاعا للأحاديث ولا متسيدا المجالس ولا ثقيلا عليها من مفسدات اللباقة .. وان تشعر غيرك بالانصات لحديثه والتفاعل معه لباقة .. وان لا تنشغل بتقليب وسائل اتصالك في حال اتصالك مع أحبتك لباقة .. وكل شيء فيه لطافة ومبادلة للشعور يؤكد اللباقة.. وان تطرح ما يفيدهم في دينهم ودنياهم هذا من كرم اللباقة.
اللباقة على كرسي المسؤولية:
أن لا تُشعر أحدا كائنا من كان بمنتك عليه .. وان تٌشعر ويَشعر الكل بالعمل معك لا لك من روافد اللباقة .. وسمو اللباقة ان تشعر غيرك بالشكر لأنه يمنحك فرصة أن تخدم الوطن أو المواطن أو أن تسهل مشروعا يخدم البر والخير والمواطنة.
*من رقي اللباقة* أن تشعر بأنك محظوظ في خدمة الناس. وأن الحاجة إليك هي منحة ونعمة من الله عليك.
اللباقة في القيادة:
أن تفسح لمن يريد المرور وان تشعر من أمامك ومن خلفك بإمكانية العبور .. لباقة.
العناد في القيادة من مفسدات اللباقة.
ويقتل اللباقة من يسير وكأن الطريق ملكه فلا يبالي بمن أمامه ومن خلفه.
وفي اللباقة العلمية
أن لا تُشعر من يتحدث بأنك أفهم منه ..!!
بهمسة او لمزة او مقاطعة !!
وأن تعقب بطريقة تثني على من يتحدث .. وتشعر الجلوس بأنك تضيف ولا تعيب .. لباقة.
ومن أصول اللباقة العلمية أن لا تقاطع المتحدث حتى يكمل فكرته.. وأن لا تعقب إلا بإذن وربما كان السكوت أحيانا من جميل اللباقة واللياقة.
ومن اللباقة العلمية أن نخرج من كل حديث بأشياء عملية.
من مفسدات اللباقة والصداقة أن تُشعر أحدا بحديثك بالدونية والمهانة حتى ولو بالدعابة ( ما عندك سالفه) إلا إذا لديك ضمانة بأن ما يقع في نفسه كما يقع في نفسك. !!
نتيجة:
لا تتعايش اللباقة مع الصفاقة ولا الجفاء ولا العنصرية ولا الحماقة .. وتهرب اللباقة من الأجواء المشحونة والمأفونة والمتكبرة.
والأهم:
أن ما *يغرس اللباقة* هو الانضباط مع الذات حيث تضع كل شيء في مكانه وتأخذ قدر حاجتك وتجعل مكانك يعكس مكانتك في جلوسك ومغادرتك.
أخيرا .. أقول بأن (ذروة اللباقة أن تنتظم من غير حاجة لنظام او حتى لو فقد النظام).
وكمال اللباقة أن تكون تعبدية وتلك مزية نوعية حينما يكون دافعها ورافعها النية.
وفي الختام
فسلوكيات ولمسات اللباقة ليس لها حد ولا عد .. فكل ما يجعل الأجواء لطيفة .. والأرواح أليفة .. فهو من لب اللباقة.
أخير .. اللباقة هي من أعمق أصول استدامة الصداقة.
مقالات سابقة للكاتب