فاجعة الموت

يقول الله تعالى ” كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون”، كم في الآية من تعزية لكل من فُجع بفقد حبيب أو قريب بأن هذا هو المصير وإليه المسير، يقول الشاعر: هو الموت ما منه ملاذ ومهرب .. متى حٌُُط ذا عن نعشه ذاك يركب .

الموت مصير محتوم يستشعره الإنسان عند رحيل من يحب في رحلة وداع لا عودة فيها، فيتذكر أيامٌ مضت إنسابت من بين أصابعه دون إنتهازها بالقرب منه، وكأنها المرة الأولى التي يخبره فيها الموت بقيمة الوقت ويلقنه درساً قاسياً علّه يفيق ويستدرك ذلك مع ما تبقى له من أحباب حلّ بعضهم في خريف العمر.

تنتاب المرء حالة من الذهول عند سماع خبر وفاة من لهم في شغاف القلب مكان، وسرعان ما يبدأ حينها اللسان يلهج بالدعاء وطلب المغفرة والنعي وتلقي النعي فيه ، وسط تأرجح بين الشك واليقين في حقيقة الخبر.

أما في سرادق العزاء فيكثر الدعاء والسلام ومواساة المعزين الذين تضيق بهم أروقة المكان بينما يظل البال مشغولاً بالفقيد ، مستحضراً ما طُبع في الذاكرة من مواقف وأحاديث سُمعت منه أو عنه.

وفي هكذا مصاب جلل لا يتوانى الأصدقاء والزملاء ممن هم على دراية بتلك المكانة للفقيد عند ذويه بتقديم التعازي ومشاطرة ألم الفراق، بل يتكبدون في سبيل ذلك عناء السفر، في حين يعتذر آخرون ممن أشغلتهم دنياهم عن الحضور والمشاركة بإتصال أو برسالة.

لقد  آلمَ  رحيل جدي الشيخ فلاح بن عبيد “رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجميع موتى المسلمين” ، كل ذويه ومحبيه الذين ترك فيهم طيب الأثر .. رحل – رحمه الله – عن دنيا لم يكن زائداً عليها، حيث عاش فيها مهيباً عالي الشأن بمكارم الخصال ومحامد الفعال.

إن في خطف يد المنون – بقضاء الله وقدره – لمن حولنا عبرة تتجدد فيها الدعوة بالتزود بخير الزاد ليوم المعاد، وقد حثنا الله عز وجل بهذا التزود في محكم التنزيل حينما قال: “وتزودوا فإن خير الزاد التقوى” ، وصدق القائل :
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى .. ولا قيت بعد الموت من قد تزودا .

 ندمت على أن لا تكون كمثـله .. وأنك لم ترصد لما كان أرصدا .

 

سامح عبدالرحيم الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “فاجعة الموت

أمنة المزروعي

عَظّم الله أجركم وأحسن الله عزاءكم .
وغفرالله لميتكم وأسكنه الله أعالي الجنان.
كم نغفو ونسهو عن أجالنا وكم نُشغل عن حبيب له حق علينا
ولانستيقظ حتى نراه وقد آن رحيله وهنا يعتصرنا الالم بتقصيرنا
وعدم استمتاعنا بأيام قد ارتحلت ولكن مايهون
ذلك الالم أنه كان على خير والى خير بإذن الله.
فبذلك نحتاج دائما وأبدا لذكرى تسعدنا
وتنير طريقنا .
فجُزيت خيرا أخي الفاضل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *