أنا ولست أنت

كانت تتجرع مرارة الألم وتستقي غزارة الدمع تشرق بتفاصيل عالمها وتحتوي مدخلات نفسها ، التحفت سماء الرهبة وخافت موت الصمود لديها ، استحوذ عليها رغبتها بتبرير العظائم وتصغير المعضلات. 

تنهدت بصبر وتعثرت برقي المستفيض ، استرجعت عناوين الصفعات ولملمت يقين الحراسة الممتعة ، هي كتبت على وجهها كل علامات التجني وقتلت كل صفات المتأني ، جاء صوت مجلجل يكتسب عنفوانه من السلطة التي وهبت له ، كل العبارات تقول له طلّقها فقد بلغ السيل الزبى واصنع لنفسك عالماً آخَر أكثر هدوء وأصفى سماء .

هو  كتم حلمه رجلاً وتعثر صياغة كلماته مجلجلاً ، أيحبس الشكوى أم يكتم العبرا ، أيضاً  لغيره نفس المعضلة لاهو يستطيع أن يلملم نتوءات الماضي ولا هي تستطيع صياغة مستقبل .. 

الأبناء احتدم صراع الألم واكتمل  .. بناء الأحكام الجاثية على قلبها .. هو  كان لديه الآن بيت يستفيق على راحته يلملم بقايا الترسب القابع في عالمها المهووس ببريق الحضارة الكاذبة وسكتات الكتب النائمة وصحوة البرامج المهددة .. من يمنعها ، هي كانت البداية حياة آمنة لم يقنن ولم تقنن صروف الحرية التى شربت منها فنجان لم تتذوقه ملياً ولكن مسامعها قد ملئها أكوام من عبارات البهرجة والتي زينها عدد من الصديقات المبتهجات بنوع الحياة المخصصة لديهن وكسبن من عائلهن مساحة من الحرية مارسنا بها شخصية المحتوي لكل الحريات النسائية المبعثرة والمكبوتة ، فهم لم يعشن بنفس جلبابها ولم يقتنين رجلاً بمثل زوجها ، فأسقطن كل تجاربهن وكل معاناتهن على حرية تلك الزوجة التي وهبها لها زوجها كمية من الحرية راقت لها وله زمناً حتى احتست من مشروبهن .

هي  طالبت ذلك الزوج المحكوم بقانون التروي وبقاء أصول الأخلاق وممارسة تلك العقبات بكل جحيم الفراق وكل ممارسات التجني ، أن تبقيه بعيداً لم يكن لديه واجباً إلا أن يحتفظ بكل حب استنفره زمناً ولكن الود الذي أبقاه كلفه كثيراً من الشكوى ، هي تستنزفه بحكم سيرها معه في ظل التكهنات المناضلة ضد حياة الاستقرار معه هو .

سلم القدر رسالة له مفادها أن الأمر كاد يستنزف شعور الأبناء ويقتل هدوء العواصف المحملة بالأتربة فسيستعيد نمو الشوك بدل الزهر في صحراء حياتهم القاحلة فلملم شعورك وانصرف وانظر إلى حال غير الحال ، وهو يعلم يقين أن تلك المشاعر التي يحملها لن تذوب بهذا الشكل ولكن أمراً يقرع حياتهم ويزلزلها وعليه الثبات ليتصدى لمعضلات الأيام .

إنها التجربه الأولى .. هي – حياتي تنتهي وأنا أحاول العيش مجدداً، ربما الطريق المغلق معه سيفتح مع غيره ،تداركتها تجارب أحد صديقاتها والتي تحيا حياة وارفة مع ذاك الآخر أو هكذا صورت لها وقتلت كل مشاعر الأم التي قادتها زمناً إلى حياة جميلة ربما لم تزرها أمومة ولم تصادق على وجهتها شعورها مستيقنة لمحتوى العطاء الذي يجب أن يكفل استقرار الحياة وتجاوز الخلافات وهدر الصراعات .

هو – ربما تجربتي تعيد مسار جيد لحياتي فأنا لم أعِش سعادة الحياة التي سمعت عنها من فلان ولا تجرعت صنوف الهوى كما فعل فلان .. إذاً ليكن بداية لحياة جديدة .

هي – كيف يعمل ذلك بي ونسيت أنها هي التى صنفت حياتها ضمن أحلام اليقظة التي عاشتها في كل أحوالها ، عاشت كذبة الصداقه المزيفة وعاشت في حلم البيت الهادىء والمخملي الذي سكنه الغربان وتوقفت فجأة أين يذهب الأبناء ؟! ، وجدت إجابة الغضب الذي يحتويها عند والدهم وهو يعيش حياته ، يجب أن يربي أولاده -هي الآن وهو – سقط الأبناء ضحايا تجارب سخيفة  كان بالامكان احتوائها بشيء من الحكمة وسلب الآخرين رأيهم في التدخل ووضع قوانين جادة  أهمها الآن دعنا نتوقف ولينظر كل منا لحياتنا وإيجاد الخلل وتصحيحه .

-هو وهي – لنترك تجارب الآخرين دون الإدلاء بدلوهم ونحيا بتجاربنا بل ونخوض التجربة ونصحح محتواها .

نقول له – قيم حياتك واستثني كل شيء وتخلص من عبأ ألا مسؤولية التي تحياها وامنع تدخل الآخرين في حياتك وكن معتدلاً في صرف الشعور وابتعد عن التصنع في تهويل بعض المشكلات وإيضاح صورة المجني عليه وأنت الجاني .

نقول لها – أنت لستِ إلا مغالية في تصوير حياة البؤس أمام الآخرين فكوني منطقية وأوقفي هوس الاستعراض لحياتك في أي شكل ودعي علاقتك بزوجك في طَي الكتمان فأنتِ لوده باقية ولأبناءك مربية فهل تعتقدين أن هناك من يكمل لك نصف التجربة التي عشتيها زمناً ،  فلن يربي الأبناء إلا أنت ولو كان لديه تجارب فأنت الأقدر على الاحتواء إن شئتي .

أسرتنا إلى أين  إذَا تخلى الأب من مسؤولياته دون مبرر وتخلت الأم عن مسؤوليتها أين يذهب الأبناء يتلقفهم هوامش الطرقات وتعبث في أفكارهم أنصاف الحلول.

الأب منشغلاً وله مبرر والأم كذلك أليس هناك من يوقف تلك المهزلة ؟ ، أكيد نعم أنت وهي فليكن هناك ما يوصف بقانون الرضى بما وهبكم الله وليس اللوم الدائم لكل أسلوب طغى على حياتكم .

نحن ولله الحمد في مجتمع ليس فيه تحريض أكثر من برامج التواصل ، فليكن لكم موقفاً حاسماً ورأي منطقي في التعامل معها ، وعدم التحجيم في بعض الأمور من الخطأ الذي يربى عليه الأبناء ، أنا لست معك أو معها ، فالتمس لنفسك حرية الرأي في قبول  أو رفض الموضوع .
               

 آمال الضويمر

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *