[الأنانية] مأخوذة من الأنا، وهي تفضيل الإنسان نفسه على غيره، وضدها الإيثار ، فهي تسري في جسد الإنسان كسريان النار في الهشيم ، وإذا شاعت الأنانية في مجتمع أفقدته تماسكه، وهزت أركانه.
نسمع شعارات يطلقها أناس بين الفَينةِ والأُخرى: { أنا ومن بعدي الطوفان }، { نفسي نفسي }، { ما علي من أحد } .. هذه الشعارات التي يرفعها الأناني تجرُّ إلى الفساد الذي توسعت آفاقه في هذا العالم المترامية أطرافه؛ مما ولّد الحسد والكره والحقد في النفوس.
الأناني شخصٌ لا يقبل النصح من أحد؛ لأنه يجد نفسه أفضل من كل الناس ولا أحد مثله، فكيف يستمع للنصيحة والإرشاد؟
والشخص الأناني ليس لديه مُحرَّمات، فهو يُحلِّل لنفسه كل شيء ما دام يُغلِّب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة.
والواقع مليء بالأحداث التي تبرز قبح الأنانية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، في هذه الأيام بعض الأشخاص يكثر السفر ويمتِّع نفسه بالأجواء الهادئة ويترك عائلته وحيدة تصارع أمواج الحر والفراغ القاتل.
وللأنانية أسبابها، ومنها:
1- التربية الخاطئة من الأبوين منذ الصغر بعدم توعية الأبناء باجتناب الحقد والاستيلاء الفردي على ممتلكات الغير.
2- الحرمان، ولا نقصد بذلك كثرة الدلال للأبناء بشكل مفرط، ولكن تلبية احتياجاتهم بشكل معقول.
3- العقوبة لأتفه الأسباب؛ مما ينتج عنه شخص أناني يتلذذ بعقاب الآخرين كما عوقب في صغره.
4- تحقير الذات والإهانة والضرب أمام الآخرين.
5 – الفقر.
صحيح أن الأنانية مرضٌ نفسي، لكنه ليس داء عضال يصعب علاجه، فالأسرة والمدرسة والمجتمع شركاء في البناء والإصلاح والعلاج.
على الأسرة تنشئة طفلها على حب الخير للآخرين والتسامح وتقديم التهنئة في المناسبات الاجتماعية، وإذا استولى الطفل على ممتلكات غيره، يجب على الوالدين الإسراع في تنبيه الطفل بإرجاعها فوراً؛ لأنها ليست ملكاً له.
وعلى المدرسة وخصوصاً رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية إشراك الأطفال في المجموعات التعاونية التي لها الأثر الأكبر في القضاء على الأنانية، والرفع بشعار { نفشل معاً أو ننجح معاً } حتى يصبح راسخاً في أذهان هؤلاء الناشئة.
وعلى المجتمع تفهُّم متطلبات الغير، فيعطي الفقير حقه، ويعطي المظلوم حقه، ويعطي الجاهل حقه ، عندها نبني مجتمعاً متماسكاً خالياً من الأنانية.
كل منا يحب نفسه ويسعى إلى تطويرها، ولكن علينا أن نجد توازناً بين حب الآخرين بالقدر الذي نحب فيه أنفسنا؛ مصداقاً لقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ].
عوِّد نفسك على احترام الآخرين والإنصات إليهم وتقدير آرائهم، ولا تكن نرجسياً لا تحب إلا نفسك ولا تهتم إلا بذاتك؛ لأنك ساعتها سوف تحرق نفسك وتضر بها قبل أن تضر بالآخرين.
ظافر المرامحي
مقالات سابقة للكاتب