بالأمس القريب ؛ عند غروب الشمس ، ونحن نشاهد قرصها الجميل ،يتلاشى مَغيبُه، في الأفق ، وضيفنا يستعد للرحيل ، وكأن لسان حالنا يقول ، على رسلك ياضيف ، لم نقنع بعد من مجالستك ، ومصاحبتك ، لقد اسقتبلناك بفرح ، وعايشناك بسرور ، تعلمنا منك الدروس والعبر ، والصبر واليقين ، ساعدتنا على ترويض النفس ، على الإخلاص والاتباع ،
فهمتنا كيف التآخي والإيثار ، والبذل والعطاء ، كنًا نعايش الخير معك خطوة بخطوة ، منذ حللت بساحتنا ، وأنت تكرمنا ، بجودك وعطائك ، في نهارنا سكون ، وفي ليلنا ،قيام وخضوع ، لمن خضعت له الرقاب ، ورفعت له أكف الضراعة بالدعاء والالتجاء ، آنستنا
يا ضيفنا ، بأشرف كلام ، وأحكم تنزل ، وأفضل كتاب ، عشناه معك ، تلهج به ألسنتنا ، وتنشرح به صدورنا ، نرصد بحروفه الحسنات ، ونتطلع بآياته الدرجات ، في أعلى جنات ، ما أجملك من أنيس ، وما أروعك من جليس ، نعلم ياضيفنا أن رحيلك أمر لابد منه ، فأنت مأمور ، وليس لنا إلا الرضا وسؤاله القبول ، لكن نريد منك وصية أيها الضيف الكريم ، قبل الوداع والرحيل ،
قال الضيف
ولعلكم عرفتموه ( شهر رمضان ) سأكون لكم مشتاق ، وللقاء بكم توّاق ، فاجعلوا بيني وبينكم تواصل ، وحبل الود بيننا لا ينقطع ، فما كنتم تتقربون به من صيام وأنا بين ظهرانيكم ، فهو مستمر بالنوافل
وما كنتم تتلونه من قرآن آناء الليل وأطراف النهار ، فهو نور يضيئ لصاحبه الدرب في الظلمات ، فكلما ازددتم من تلاوته ، كلما زاد ضياء نور وجوهكم ، وانشراح صدروكم ، وراحة وسعادة نفوسكم ، وما بذلتم من عطاء وصدقات ، وقربات ، فإنها مشروعة
على مرً الدهور والأزمان ، فلا تحرموا أنفسكم من الاستمرار على العطاء ، والتماس حاجات الناس ، وتفريج الكرب ، لعل الله أن يفرج لكم الكرب ، ويبارك لكم فيما أعطى ورزق ، هذه وصيتي لكم الديمومة ، على ما كنتم عليه من أنواع العبادات والطاعات ، حتى إذا مدّ الله في الأعمار ، سألتقي بكم مرة أخرى ، وسأكون عليكم شهيدا بما أدعتموه ، إلى لقاء أيها الأحبة الكرام في عام قادم جديد .
د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي
مقالات سابقة للكاتب