تكتمل فرحة الأعياد في إجتماع الإخوة و “الأخوات” في منزل العائلة مع وجود الوالدين .. إنها قمة السعادة والبهجة تلك التي شعرت بها هذا العام في عيد الأضحى المبارك .
إنها فرحة رؤية “الأخوات” والتي ترسم ملامح السعادة وتدخل الفرح على قلوب الأباء والأمهات ، وذلك ما شاهدته بعيني ولمسته أمامي من والديَّ حفظهما الله تعالى من بهجة وسرور تعلو محياهم أثناء قدومي إليهم واجتماع “أخواتي” بهم .
بِوجُودِ أُختٍ في الحَياةِ حَبيبةٌ
لاَ عِيدَ يَكملُ .. دُونَما الأخَواتِ
ومحبة “الأخوات” تلهم النفس وتنعشها
ولا أعرفُ وصفًا أدَّق من كونها الضوء الذي يوقظنيّ للحياة ، واليد التي تلبسني إكليلاً من الزهور في حين كُل ما حولي يضجّ بالقتامة .
فإن وجود “الأخت” في حياتنا شيء مختلف يشعرنا وكأن الله أعطانا روحاً في مكان آخر من العالم .
أُختي إذا مَا شَكتْ مِنْ دهرها ألما
جعلتُ من أضلعي من أجلها سندا
********
عنْ كلِّ شيءٍ إذا قد فاتني عِوضٌ
والأُخْتُ إنْ ذهَبتْ ما عُوِّضتْ أبدا
فـ”الأخوات” من النعم التي أنعم الله عز وجل بها علينا ؛ فهن سند وعون لنا في هذه الحياة ، ونستمد منهن قوتنا وآمالنا ، وهن كالشمعة التي تنير حياتنا وترشدنا إلى الصواب ، ويضيفون جمالاً ورونقاً خاصاً للحياة .
يحارُ الوصفُ في إنصافِ قلبٍ
لهُ حبّ بعمـقِ الرّوحِ خافي
*********
فكلّ النّاسِ في كفّ جميـعًا
وحسبُ الأختِ منزلةُ الشّغافِ
ويُظهر لنا الإسلام مكانة “الأخت” ودورها ويتضح لنا ذلك جلياً في قوله تعالى: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} .
ويالها من “أختٍ” عظيمة سَعَتْ في مصلحة أخيها ، وجمعتْه بأُمه بعد أَلَمِ الفِراق ، ولا يكاد يوجدُ أحدٌ من الناس إلا وله “أخوات” أو “أُخت” عظيمة تحس به ، وتتمنَّى الخيرَ له ، وتسعى فيما يصلحُه ، فما أعظم حب “الأخت” لإخوتها والحرص عليهم .
ومن المواقف الجميلة في التعامل مع “الأخوات” موقف نبينا صلى الله عليه وسلم مع “أخته” الشيماء بنت الحارث والذي يحمل العديد من الدروس والتي تظهر فيها معاملة “الأخت” بالحب والاحتفاء والعطاء والكرم وإن البر بـ”الأخوات” هو من البر بالوالدين.
ومن ذلك أيضاً تعامل “الأخوات” مع إخوتهم بالرحمة والبر والعاطفة فهذا الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – يقول في حديثه عن “أخته” كما في كتاب “الجواهر والدرر” (١٥٧/١) مانصه : ”وكانت بي برَّة رفيقة مُحسِنة ، جزاها الله تعالى عنّي خيراً ؛ فلقد انتفعتُ بها وبآدابها مع صغر سنّها ، وكانت قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء ، وهي أمي بعد أمي ، أُصبت بها!”.
ولَرُب “أختٍ” لك لم تلدها أمك .
وفي جلسة سمر جميلة من تلك الجلسات العائلية مع والديَّ حفظهما الله “وأخواتي” تجلت فيها روح المحبة والبساطة ؛ فقد كان والدي رعاه الله يطرح لنا فيها العديد من “الألغاز” و “الأحاجي” القديمة لكي يختبر ذكائنا فنجد أنفسنا عاجزين أمامها فيبادر حفظه الله بالإجابة عنها ، ومن ذلك أيضاً يُذكرنا بمواقف طريفة كانت لنا في الصغر فما أجملها من أمسيات سمر ذات معنى قضيتها مع والديّ و”أخواتي” ..
فلنحرص على هذه اللقاءات الأسرية والتي تجمع “الأخوات” فإن تواجدهم أعظم نعمة وبوجودهم تزداد السعادة وتعم البهجة ، ويعظم الحب ، وتقوى الروابط ، وتبنى الذكريات.
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبارك لنا في “أخواتنا” وأن يجمع قلوبنا على المحبة حتى نلقاه .
🔘 إضاءة:
لا يوجد في الحياة أجمل من وجود “الأخوات” فهم السند ومصدر القوة ، وهم نعمة من نعم الله تعالى علينا ، نلجأ إليهن في وقت الضيق والمصاعب فنجد عندهن الطمأنينة والمحبة والصلة ، فهن عزٌ لك في الدنيا ، ومددٌ في رزقك وعمرك .
منى بنت سعود الشعلان
الخميس ٢٣ ذو الحجة ١٤٤٦هـ
19 يونيو 2025م
مقالات سابقة للكاتب