عام الحِرَف.. 2025

وينتهي عام ويتلوه آخر، ونحن في هذا البلد المعطاء نرفل في جزيل من النعم، فلله الحمد و الشكر ..

عامنا هذا 2025 عام الحرف، فمن منا لايجيد حرفة يعمل بها في منزله، وعمله أو غير ذلك؟

الحرف كثيرة ولا يمكن عدها أو حصرها في عدد محدد، إنما كل ما تتقن من عمل يُعد حرفة، وكل ما تسعى لإتقانه والكسب من ورائه يعتبر حرفة.

في عصور الأنبياء المتتالية حرف شتى، أتقن منها كل نبي حرفة كان يعمل بها ويكسب من خلالها قوت يومه.

وقد حث القرآن الكريم على العمل كما قال تعالى:

{ وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ }

ففي شأن الحياة عمل، وفي شأن العبادة عمل، وفي شأن العلاقات عمل.

وهنا.. نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)

وقد كان لكل نبي عمل وحرفة تميز بها، ومن هؤلاء الأنبياء نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وقبل أن أذكرها لكم لابد لنا أن نعرف معنى الحرفة.

الحرفة كما هو معروف يقصد بها الأعمال التي تعتمد على العمل اليدوي، كالحياكة وبعض الصناعات التي تعمل باليد كصنع أواني الفخار، وصنع بعض الأدوات كالنوافذ والأبواب، وغيرها من الحرف التي تساعد في متطلبات الحياة أو التعايش معها.

وبمرور الزمن تطورت تلك الحرف من حيث اعتمادها على الأدوات والآلات الحديثة.

إن من يتقن حرفة من الحِرف -يستغني بها عن مسألة الناس-وهذا يدل على تحمل المسؤولية وقوة الشخصية في مواجهة أعباء الحياة.

ولنا في رسول الله أسوة حسنة وبقية أنبياء الله الذين كانت لهم مهن وحِرف يواجهون بها متطلبات حياتهم وأسرهم.
ومن تلك المهن:
رعي الغنم والتي عمل بها رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وغيره من الأنبياء.

ومن المهن والحِرف كذلك:
الغزل والنسيج، والحدادة، والحياكة، والبناء،والنجارة، وتجارة الأقمشة وغيرها.

من هنا ندرك أن العمل مطلب مهما تغير الزمان واختلف.

وفي عامنا هذا عام الحرف، زادت المتطلبات المعيشية وجاءت فكرة مسمى هذا العام ليس ففط مسمى؛ بل دافع. للبحث والعمل، وكسب العيش بطرقه المشروعة، ومواجهة الصعاب من أجل توفير سبل العيش الرغيد للفرد وأسرته.

ولو تأملنا في مسألة الحرفة والعمل لوجدنا أن من يمتهن حرفة يعمل من خلالها ويكسب لقمة عيشه بعيدًا عن مسألة الناس، خير من ذلك المتواكل على غيره.

وقد جاء في الحديث الصحيح، أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَه، فيَحْتَطِبَ علَى ظَهْرِه؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَأْتيَ رَجُلًا، فيَسْأَلَه، أعْطاهُ أوْ مَنَعَه.

ومن هنا ندرك حرص رسول الله على توعية أمته بأهمية العمل وعدم التواكل ومسألة الناس.

وهنا وفي هذا البلد المعطاء انطلقت هذه المبادرة( عام الحرف ) لتدفع أبناء الوطن للعلم والعمل، والاكتفاء بذلك عن مسألة الناس.

توعية مباشرة وغير مباشرة بأهمية العمل، وكيف كانت الحرف مصدر رزق لمن سبقونا اكتفوا بها عن مسألة غيرهم.

وسبب آخر مهم في الحث على العمل، ذلك هو نمو هذا الوطن وتحقيق رؤيته المستقبلية، مع وجود وتوفير الفرص الكثيرة لعمل الشباب .
دائرة محكمة السياج تلك الرؤية المستقبلية، التي تعتمد على العلم والعمل وقوة الشباب وفكره المتّقد، وحفاظه على إرث الوطن التليد ومجده العظيم.

إن هذه الرؤية العظيمة لهذا الوطن المجيد لهي رؤية ثاقبة وهي امتداد مجد عميق لدولتنا العظيمة.

فالحث على العمل وتسمية هذا العام ب( عام الحرف ) له بعد لا يدركه إلا من يرى في هذا الوطن وولاته مصدر عزٍ ومجدٍ وقوة.

إن العمل هو أساس القوة ومصدر الرزق وسبيل العيش الرغيد في هذه الحياة.

وهذا أكبر دليل على الحرص والاهتمام بتربية المسلمين على العفة والاستغناء.

وقد ورد في القرآن والسنة النبوية ما يؤكد على أن لكل نبي من أنبياء الله مهنة كانت هي مصدر رزقه،

ومن تلك المهن :
مهنة رعي الغنم، والتي عمل بها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وكذلك نبي الله موسى وشعيب عليهما السلام.

أما مهنة التجارة، فقد عمل بها من الأنبياء على سبيل المثال، وليس الحصر:
نبينا محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام.

وقد ذُكر كذلك أن نبينا آدم عليه السلام كان يعمل بالزراعة والحراثة، والحياكة.

أما نوح عليه السلام: فقد كان يعمل بالنجارة، وقد قام بصنع السفينة، حيث قال تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا)
وغير هؤلاء من الأنبياء :
زكريا عليه السلام، و إبراهيم، ولوط وإدريس وإلياس، وسليمان وداوود، وأبو الأنبياء إبراهيم عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه..

من هنا ندرك أن العمل شرف، والحرفة مهما كانت بساطتها إلا أن لها أثرًا وبعدًا في الحياة لا يدركه إلا أصحاب الهمم العالية وبناة القيم القيمة..

عام الحرف حينما انطلق من وطن الرؤية، ماهو إلا دليل على عمق الأصالة والمجد، وتاريخ عميق امتد أثره إلى هذه اللحظة.

عام الحرف توثيق لوطن عريق..

دمت يا وطني وأدام الله مجدك وعزك..

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *