🖋️ لبرهة وجيزة كنت أتامل جمة من المقاطع القصيرة المسمى باسم (ريلز) ومعناها بالعربية إنشاء ونشر مقاطع قصيرة مدتها لا تتجازو ٦٠ ثانية على منصات التواصل الاجتماعي.
فالذي لفت انتباهي لهذا النوع من المقاطع سهولة الانتشار، و سرعة تكوين جمهور هائل لها.
اكتشفت من خلال تأملها أنها مِرآة عاكسة لمدى سلامة أو اختلال عقلية المصمم، وأيضاً تبين نوع فكره و شخصيته، وأسلوب تربيته و نوع بيئته، و حتى نظرته لذاته ولمجتمعه.
وينطبق ما ذكرته على من يُعيد نشر تلك المقاطع من الجمهور المتابع لها.
لكن الذي لفت انتباهي أكثر وأكثر هو سعي مصممها إلى نشر آي شيء يأتي على باله حتى لو كان تافه أو يسبب النقد السيء أو فيه انحطاط أخلاقي أو انحلال ديني أو نشر سلوكيات قذرة مخالفة للفطرة وللذوق العام؛ فكل هدفه أن يكتسب شهرة وجمهور بأي ثمن.
والأدهى أنه يجد من يتابعه ويشجعه من خلال التعليق أو إعادة النشر لمقاطعه كأن الأمر نوع من البرمجة، فعلياً البعض حاله كمثل زر إعادة النشر فلا يُميز و لا يُدقق هل ما يُعيد نشره يستحق النشر أم لا؟ حاله كحال مصمم المقطع فالعقل في غيابة الجُب.
المخيف أنها سريعة الانتشار كانتشار النار في الهشيم، أكاد أجزم أن المقطع الواحد منها يمر على جميع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة و يتكرر مراراً وتكراراً كأنه برمجة لعقول.
و عند محاولتي لفهم السبب السيكولوجي لأصحاب تلك المقاطع لاحت لي بعضًا من التساؤلات حولهم.
هل من يصمم تلك المقاطع ويسعى لنشرها في كل منصة رقمية راضياً عن ذاته؟ .. أم يعاني من كره و تدنى لذاته؟
هل فعلاً يرى ذاته تافهةٌ و قذرة لذلك يصمم تلك التوافه و القاذورات ويسعى جاهداً لنشرها كأنها نوع من الانتقام لمجتمعه؟
تساؤلات عدة تدور بعقلي عندما كنت ألاحظ و أدقق.
و الأمر الذي قد يخفى على من يبحث ويتابع هذه النوع من المقاطع أن لها تأثيراً خطيراً على صحة دماغ.
فمتابعة هذا النوع من المقاطع باستمرار يُدخل الدماغ في حالة من الإدمان و يُصاب بنوع من أنواع التعفن يسمى التعفن الدماغي الادراكي المعرفي.
أيها القارىء الكريم:
دعني أُمدك بنبذة مختصرة عما أرمي إليه بالتعفن الدماغي والأثر السلبي لإدمان تلك المقاطع؟ ما أعراضه؟ و كيفية الوقاية منه؟
أقصد بالتعفن الدماغي هو سلوكيات تؤدي إلى تعفن الدماغ فتسبب له حالة من الضبابية العقلية و التدهور المعرفي فهي ترتبط بالاستهلاك المستمر لمحتوى منخفض الجودة أو القيمة له تأثيرات نفسية وإدراكية سلبية على المشاهد.
من أبرز أعراضه:
تعطيل قدرة الدماغ على تشفير المعلومات والاحتفاظ بها، الشعور بمستويات أعلى من الضيق النفسي، ارتفاع مستويات التوتر والقلق و الاكتئاب، حدوث تغيرات حادة ومستمرة في الأدراك و الذاكرة، تدني تقدير الذات.
كيفية الوقاية منه:
انتقاء المحتويات الهادفة التي تفيد العقل وتزيد من تطوره في منصات التواصل الاجتماعي، وضع وقت محدد وقصير جداً لمتابعة منصات التواصل الاجتماعي، تقوية الدماغ باكتساب مهارات جديدة، تغيير الاهتمامات إلى اهتمامات غير رقمية، التواصل مع الأشخاص الايجابيين خارج نطاق منصات التواصل الاجتماعي، تفعيل نظام الفلترة للدماغ أثناء المشاهدة لأي محتوى يمر عليه.
في الختام:
كن فلترًا يُدقق و يُمحص لكل محتوى يمر على عقلك، فأنت مؤتمن على هذه النعمة ومحاسب عليها.
✍️ مها الجهني
مقالات سابقة للكاتب