كل شخص تجد أن تفاصيل حياته مرتبطة بأفكاره التي لها تأثير على مشاعره وسلوكه .
وكلما اتسع عقل المرء ضاق لسانه وقلَّ كلامه ؛ لأن العاقل يكابد المعاني ويصطفي الأساليب ويجتهد في عرض معانيه وأفكاره بدقة وإيجاز ، مع نبذ الفضول ومراعاة الأحوال.
ولا تجد الهذر والحشو إلا عند نضوب العقل وشح الأفكار ، فيلقي الجاهل القول على عواهنه ، ويستسلم لخطراته وهواجسه ، دون تحرج ولا اعتبار.
لكن من أين تأتي الأفكار ؟
من خلال التشريح الطبي للدماغ تتولد الأفكار من تفاعل مناطق معينة بالدماغ أول منطقة تُعرف ( بالقشرة الجبهية ) : هي المسؤولة عن التفكير المنطقي و اتخاذ القرارات ، ثاني منطقة تُعرف ( بالحُصين ) : و هي مركز الذاكرة التي يُخزن فيها المعلومات السابقة و يربطها بالحاضر ، وثالث منطقة تُعرف ( باللوزة الدماغية ) وهي المسؤولة و المتحكمة بالمشاعر .
وللأفكار نوعان هما : الأفكار السلبية ، والأفكار الايجابية ، و كل نوع له تأثيره المختلف على حياة الشخص .
الأفكار السلبية :
تؤثر الأفكار السلبية على الشخص إذا سيطرت عليه فهي تجعل هرمون التوتر ( الكرتزول ) في حالة ارتفاع دائم وهذا بدوره يسبب العديد من الاضطرابات مثل القلق ، الهلع ، قلة الثقة بالنفس ، العزلة ، ضعف المناعة ، المشاكل الهضمية واضطرابات النوم .
الأفكار الايجابية :
تساعد الأفكار الايجابية على انخفاض هرمون التوتر ( الكرتزول ) مما يؤدي إلى الشعور بالاسترخاء و الهدوء و صفاء الذهن و تحسن المزاج ، و إيضا تقوي الجهاز المناعي ، زيادة الانتاجية في الحياة و بناء علاقات صحية جيدة .
هناك علاقة طردية بين الأفكار و المشاعر والسلوك بمعنى عندما تتغير أفكار الشخص تتغير مشاعره و سلوكياته ، و على العكس عندما تتغير مشاعره تتأثر أفكاره وسلوكياته ، وأيضا عندما يتغير سلوكه تتغير مشاعره وأفكاره .
مثال على تأثير الأفكار الايجابية :
الفكرة : اذا كان الشخص يعتقد أنه قادر على تحقيق هدف معين يريده .
الشعور : يشعر بالثقة و الحماس والتحدي .
السلوك : العمل بجد و مثابرة و الاصرار على تحقيق الهدف.
مثال على تأثير الأفكار السلبية :
الفكرة : إذا كان الشخص يعتقد أنه فاشل وضعيف .
الشعور : يشعر بالاحباط و اليأس وقلة الثقة .
السلوك : الاستسلام و تجنب المحاولة .
أن أهمية فهم هذه العلاقة الطردية بين الأفكار والمشاعر و السلوك يساعد على :
١- إدارة المشاعر بشكل أفضل و ايجابي من خلال تغيير الأفكار و بالتالي تغير السلوك .
٢- تحسين الصحة النفسية من خلال تطوير أنماط التفكير الايجابي و تعزيز المرونه النفسية .
٣- تحقيق الأهداف من خلال فهم كيف تؤثر الأفكار و المشاعر على السلوك حينها يتعلم الشخص كيفية اتخاذ قرارات أفضل وأكثر فعالية في حياته .
املأ نفسك بالفأل والأمل ، وادفع عنك الظلام العارض ، وتحلّق حوّل الأفكار والمشاريع الملهمة ، وإن ضاق بك الزمان يوماً فاستدعي من أفكارك الإيجابية وذكرياتك الجميلة وتجاربك الشخصية ما يغريك بالحياة.
وأطيَبُ أوقاتي مِن الدهرِ خَلوةٌ
يَقَرُّ بها قلبي ويَصفو بها ذهنِي
*********
وتأخُذني مِن سَوْرَةِ الفكرِ نَشوَةٌ
فأخرُجَ مِن فنٍّ وأدخُلَ في فنِّ
*********
وأسمع مِن نجوى الدّفاترِ طُرفَةً
أزيلُ بها هَمّي، وأجلو بها حُزني
ختاما :
انتبه لطريقة تفكيرك و نوعية أفكارك .
🔘 *إضـــــــ💡ــــــــاءة*:
الإنسان بمجرد أن يُحَدّد لنفسه هدفاً واضحاً تقفز إمكاناتـه قفزة إلى الأعلى ، و يزداد نشاطه ، وتعلو همته ، و يتَيقُّظ عقله ، وتتحَرَّك دافعيته ، و تتولَّد لديه الأفكار التي تخدم أغراضه ، وتكون مصاحبة له على طريق النجاح.
✍️ مها الجهني
مقالات سابقة للكاتب