🖋️ يتداول الكثير من الناس عبارة “جبر الخواطر” ومنهم من يفهم معناها، والبعض الآخر لا يفقه مرادها ومدلولها الحقيقي.
لكن هل جبر الخاطر مقيد بالجانب المادي فقط أم أنه معنى أعمق من ذلك؟
قبل أن أجيب على هذا التساؤل دعوني أوسع مدارك عقولكم بالمراد “بجبر الخاطر” فهو فعل يقوم به الشخص لرفع معنويات شخص ما، كإزالة حزنه أو ألمه، أو إدخال السعادة عليه، أو طمأنينة قلبه، أو تفريج كربته.
هذا المعنى العميق له العديد من القصص والمواقف التي وثقها التاريخ عبر صفحاته ومنها على سبيل المثال:
🔹أشهر قصة وثقتها السيرة النبوية قصة الإسراء والمعراج فقد كان من أسباب حدوثها أنها كانت مواساةً وجبراً من الله تعالى لخاطر نبيه عليه الصلاة والسلام حين توفيت حبيبته وزوجته خديجة رضي الله عنها وحزن عليها حزنا شديدا.
🔸موقف الصحابية الجليلة أم سلمه رضي الله عنها حيث طيب الله تعالى خاطرها بعد وفاة زوجها بأن جعلها من زوجات النبي عليه الصلاة والسلام.
🔹موقف احتضان وفرح الصحابي طلحة بن عبيدالله للصحابي كعب بن مالك – رضي الله عنهما – عندما غفر الله له تخلفه عن غزوة تبوك فكعب رضي الله عنه لم ينساها لطلحة كيف أنه جبر خاطره يومها.
🔸موقف الصحابية الأنصارية التي دخلت على عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك حيث بكت معها ولم تنطق بكلمة واحدة ثم خرجت، فعائشة رضي الله عنها قالت أنها لم تنساها لها.
جبرُ الخواطرِ من شمائلِ ديننا
وبها ينالُ المرءُ خيرَ ثوابِ
*****
هذي صفات المتقين لأنهم
من فضل ربِّي من أُولي الألبابِ
*****
إياك من كسر القلوب فإنهُ
ظلمٌ وخيمٌ مؤذنٌ بخراب
*****
فاختر لنفسك أي درب تبتغي
سيعودُ ما قدمتَ في الأعقابِِ
وهناك قصص كثيرة التي تبين مدى روعة هذه الخصلة الإنسانية، و أكاد أجزم أنه قد مر على كلِ منكم موقفاً راسخاً في أعماقه جُبر فيه خاطره من أحد ما و لم ينساهُ له.
عوداً على بدء أُجيب على التساؤل الذي طرحته في بداية المقال فأقول إن “جبر الخواطر” يكون في كلا الأمرين معنوياً ومادياً لكن الجانب المعنوي أعمق و أكثر تأثيراً على الروح ولا يُنسى.
جبر الخاطر لا يتطلب أفعال كبيرة بل أنه في الأمور البسيطة أجمل وأعظم تأثيرا.
فأعظم جبر حين يجبر الله خاطرك بأمور لم تكن في حسبانك، يجعلك معها تنسى كل ضيق أو ألم مر بك، ويجعل لك بديلاً فيه الخير والسعادة والطمأنينة.
·ختاما:
جميل أن تكون من أولئك الذين يجبروا خواطر الآخرين.
فجبر الخاطر من أجمل الأعمال الإنسانية وأجره عظيم، و هو يدخل ضمن معنى حديث النبي صل الله عليه وسلم الذي يقول فيه (أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم).
✍️ مها الجهني
مقالات سابقة للكاتب