ما أجمل الصباح فهو ولادة للأمل ، ومبعث للتفاؤل ، ومشرق للعمل ، لا يمكن أن تشعر به إلّا إذا استيقظت فيه مصلياً وذاكراً لله سبحانه ، ولا تشعر به إلّا إذا شاهدت بياضه ، وشممت هواءه ، وملأت أجواء روحك بصوت عصافيره ، ونقاء أساريره ، وصمت هدوئه ، قال تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} إشارة بليغة إلى بزوغ النور بعد ظلمة الليل الحالكة ، وإلى انشراح النفس بعد سباتها في النوم ، وإلى تجدد النشاط بعد كسل الساعات الماضية ، فإنّ تنفس الصباح هو رمز للحياة الحقيقية ، حياة الجد والعمل ، وإعلان لبداية جديدة مليئة بالمثابرة وبالأمل .
يُحَدثنِي الصبَاحُ حَدٍيثَ فألٍ
بأنَّ الحُزنَ يَعقبه ابتهَاجُ
*********
ويُخبِرُنِي محيَّا الشَّمس طلقًا
ألا إنَّ الكروبَ لهَا انفراجُ
وفي الصباح، تُطلُّ الشمسُ على استحياءٍ لتنشرَ أشعتها الذهبية على الملأ، وتعلنَ بداية يومٍ جديد مليءٍ بالأمل والتفاؤل ، ويكتمل مشهد الجمال فيه بذكر الله تعالى والتأمّل في عظيم خلقه ، خصوصًا أنّ السكون والهدوء يجعل من الفكر نقيًا صافيًا لا تشوبه أيّة شائبة بمراقبة السماء وهي تُعانق الشمس بعد ذهاب الليل ، وبسماع صوت العصافير ، فلا شيء أجمل من إشراقة الصباح التي تبعث الهدوء في النفس ، وتُبعد عنها اليأس وتلهمها البهجة والطمأنينة ، وكأن الصباح ينفض عن القلب هموم الليل ، ويستبدلها بالكثير من التفاؤل والأمل :
قد أصبحَ الصبحُ يامن بِتَّ منتَظراً
شمسَ النهارِ لتحيي ميِّتَ الأملِ
*********
قمْ للحياةِ وراوِد كلَّ فرحتِها
واشربْ مباهجها رهواً على مهلِ
*********
واسعدْ براحةِ بال لاانقضاء لها
واركن إلى اللهِ من رهق ومن كسلِ
وفي الصباح يستشعر المؤمن أثر الأدعية والأذكار ومن ذلك قوله ﷺ :
-أصبحنا على فطرة الإسلام ، وعلى كلمة الإخلاص ، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً ، وما كان من المشركين.
-اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور .
-اللهُم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر .
فما أجمل أن يبدأ المسلم يومه بتلاوة كتاب الله الكريم وبذكره تعالى، مستعيناً به في كل أموره ، متوكلاً عليه ، راجياً فضله ورحمته ، وأن يبدأ يومه بنشاط وحيوية ، فالصباح هو فرصة للبدء من جديد ، والتفاؤل بمستقبل مشرق ، والسعي نحو تحقيق الأهداف واستثمار فرص النجاح .
تنَفَّسَ الصبْحُ فاستنشقْ تلاوتهُ
واجعل لقلبِكَ بعد الهمِّ مُتسَعا
*********
وارفعْ يديكَ إلى الرحمنِ في ثقَةٍ
ما خيّبَ اللهُ مَن صلّى لهُ ودعا
فاستنشقوا عبير الصباح ، وتفائلوا بيوم جديد مليء بالخير والسعادة ، واجعلوا صباحكم بداية خير ، وأمل، وتوفيق :
قد أشرقت شمسُ الصباحِ كأنها
فرَجٌ يُمهّدُ للنجاحِ طريقا
*********
فاستبشرَ الأملُ الجميلُ بداخلي
ياربّ صُبحاً يحملُ التوفيقا
🔘 إضـــــــ💡ــــــــاءة:
مع شروق الشمس يتجدد الأمل في النفوس وتقبل على الحياة مغتنمة بركة الصباح “بارك الله لأمتي في بكورها”.
✍️ منى الشعلان
١٨ صفر ١٤٤٧هـ
١٢ أغسطس ٢٠٢٥م
مقالات سابقة للكاتب