تُعرف الأمم بأيامها ومناسباتها الوطنية .. تتكرر كل عام فتنتقل مثل الإرث العظيم عبر الأجيال .. يومنا الوطني الذي يحل في الخريف .. موسم جني الثمار الطيبة ..
كل عام يحضر عظيمًا مهيبًا .. تمامًا مثل الرجال الذين صنعوا وبنوا ووحدوا البلاد تحت راية وهوية وحدود .. الذين آمنوا وصدقوا ماعاهدوا الله عليه .. فيسَّر الله لهم الجهاد وحقَّق التوحيد على أياديهم البيضاء المباركة .. الذين كانت أحلامهم بطول الوطن وعرضه .. فأقاموا ما أنقض وأعلوا ماسقط .
لايمكن أن تتحقق هذه الوحدة التي هي واحدة من أعظم ماسيقف عنده تاريخ العصر الحديث ، إلا بالإيمان العميق والعزم الذي لايلين والرجال الذين يحملون على كاهلهم الأثقال مما تنوء بحملها الأرض بما رحبت ..
هي أقرب للأساطير .. حكاية طويلة .. لكني لا أمل سماعها وترديدها للصغار ( عبدالعزيز والأربعون رجلًا ) ، لا أستطيع تحديد حجم إيمانهم الذي تحققت عليه وحدة وطن عظيم مختلف التضاريس والأجواء متعدد القبائل متسع الصحاري والجبال والهضاب والبحر العظيم ..
( سعودي ) هكذا أُعرِّف عن نفسي ، فأشعر بالهيبة التي يحملها وطني في ذاتي .. أليس وطني مهوى الأفئدة ؟.. أليس وطني منارةً للعالمين العربي والإسلامي ؟.. أليس وطني الداعم الأول بالمال والرجال لكل قضايا الأمة ؟.. أليس وطني عضوًا في مجموعة ( العشرين ) والتي تضم أعظم عشرين اقتصادًا في العالم ؟.. أليس وطني المحرك الأول للاقتصاد حول العالم ؟..
هذا العام يحضر اليوم الوطني .. والوطن كما كان وسيظل آمنا مطمئنا .. عين تسهر جنوبًا وعيون تخطط وترسم المستقبل بأناقة .. فمن قال إن الثبات والجمود يصنعان الأمم ؟!
المستقبل يحتاج إلى الحركة والرؤية والإيمان .. تماماً كما آمن الأجداد بالوطن .. سينتقل الوطن من ثروة في باطنه إلى ثروة فوق الأرض، عمادها أبناؤه فقط ولا غيرهم .
الرهان صعب ولايقف أمام تحدٍّ واحد بل مجموعة من التحديات من تطوير التعليم والتدريب .. نحتاج إلى العناية بثروتنا الجديدة حتى تؤتي ثمارها طيبة يانعة .. فالأوطان لاتُعرف إلا برجالها ونسائها ، هم وحدهم القادرون على دفعها قُدُمًا ..
يومنا الوطني هذا العام الذي نحتفي به ، وبرؤيته الجديدة والتي لا تُعد نقلة بل هي أقرب لقفزة عظيمة تحمل في جوهرها التغيير الذي يتطلب أدوارًا جديدة من كل مواطن ومواطنة ؛ أدوارًا تتسم بالتحدي والتوق نحو التفوق ومواجهة التحديات وجبهها .
إن الانتقال من مرحلة إلى أخرى بحجم الرؤية التي يستهدفها الوطن ستحمل في طياتها المواجهة مع كل شؤون حياتنا من التعليم والاقتصاد والقطاع الخاص وحتى في سلوكياتنا وعاداتنا اليومية .
هذه المواجهة تتطلب أن يدعم بعضنا بعضاً في العمل على توطين الوظائف ودعم المنشآت المتوسطة والصغيرة وفي القدرة على خلق وظائف جديدة، أي بمعنى آخر خلق اقتصاد متطور ومرن .. كما تحتم توطين الصناعات والتدريب والاهتمام بالتعليم التقني والمهني ..
ياوطني شيء إليك يأسرني فلا تحررني من أسرك .. فأنت أسرتني وقيدتني بجمال الوجود .. وطني الرحيم رقيق القلب دائمًا وأبدًا .. وطني الذي يقدم الجميل في كل أفعاله .. وطن الخير والسلام .. وطني بعينيه وملامحه رأيت مدى اليقين والراحة والشعور بالتفوق .. وطني والحب عندي اكتفاء واحتواء وفخر ..
وطني أحبك لأن لدي عائلة كبيرة وقلب يعشقك وأحلام وآمال .. وطني بذاته لغة للعاطفة والفكر .. وطني يامحتوى القلب أحبك ما أشرقت شمس وأضاء قمر وأينعت في جبينه كواكب ونجوم آناء الليل وأطراف النهار ..
أتنفس عبق أرضك .. أشعر بحبك يلامس القلب .. وطني يكمن ويغفو في رائحة المطر .. والصباح البكر .. في النجوم اللامعة .. في كلمات لا توضع في إطار الكلمات .
وطني حيث الجمال الأولي .. ونكهة الحياة .. حبك متكامل الأركان .. كامل الدفء .. وطني وأنت الحصن .. تسليمًا وحنانًا وحبًا..
ياوطني لتعلم أن وجهك قبلتي وأنك هزج الليل وأنك عاصمتي وأعلامي والنشيد وأنك آخر أوطاني ..
سأحتفي باليوم الوطني وأنا أرقب مستقبلًا آمنًا مزدهرًا لأولادي وحتى لأحفادي ..
ليكن هذا العام عامًا موازيًا جديدًا على قمته تاج الوعي لمستقبلٍ يحفه الازدهار والثروة الجديدة ..
وكل عام وسلمان بخير والوطن بخير وحدنا الجنوبي بخير وكل سعودي وسعودية بخير..
وكل عام وأنت ياوطني في بهجة ..
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب