الحب ليس زينة للحياة ولا هامشًا في دفتر الأيام،بل هو المتن نفسه،هو الحبر الذي كُتبت به الحكايات الكبرى والصغيرة على السواء. إنه القوة التي لا يراها أحد،لكنها تسكن كل شيء. قد لا يظهر في المعادلات أو الخرائط أو الجداول،لكنه يظهر في العيون،في اللمسة،في التغيير الخفي الذي يحوّل حياةً كاملة بلمح البصر.
الحب قوة سرّية لأنه يعمل في الصمت. لا يحتاج إلى ضجيج كي يثبت حضوره، ولا إلى منبر كي يعلن سلطانه. يكفي أن يزرع بذرة في القلب، ثم يتركها تكبر ببطء،حتى تصبح شجرة قادرة على أن تظلّل العمر كله.
“الحب قانون غير مكتوب… لكنه يحكم أرواحنا جميعًا.”
الحب في الفن والذاكرة
كم من قصائد ما كانت لتُكتب لولا الحب؟ كم من لوحات ما كان لها أن تُرسم إلا لأنه كان هناك قلب عاشق يرى العالم بألوان غير مرئية؟ إن الفنون جميعها ليست سوى محاولات لتدوين أثر الحب،لتثبيت تلك الطاقة الهاربة في صورة أو كلمة أو لحن،وحتى حين كتب الشعراء عن الحروب، كانوا في العمق يكتبون عن الحب:حب الأرض،حب
الحرية،حب الإنسان.
“كل قصيدة عظيمة…هي في جوهرها رسالة حب.”
وأما الحب في الصبر والتضحية
فهو ليس دائمًا فرحًا،إنه أيضًا صبر طويل.أمّ تسهر ليلًا على رضيعها، عاشق ينتظر لقاءً مؤجلًا،صديق يظل وفيًا رغم البعد…كل هذا حبّ يتجلى في الصبر. والتاريخ مليء بتضحيات عظيمة لم يكن وراءها سوى حب خفي،حب يجعل إنسانًا يضع نفسه في مواجهة الموت كي يحيا الآخرون.
“الحب ليس ما نأخذه…بل ما نعطيه دون أن نحسب.”
ماذا عن الحب في الحياة اليومية.
قد يظن البعض أن الحب شيء استثنائي،لكنه في الحقيقة يعيش معنا في التفاصيل الصغيرة:فنجان قهوة يُقدّم بحنان،دعاء أم لابنها،ابتسامة عابرة في شارع مزدحم.هذه التفاصيل البسيطة هي الخيوط التي تُنسج منها حياة كاملة.
الحب ليس مسرحًا كبيرًا يطلب الأضواء،بل حديقة صغيرة تنبت بصمت على حافة أرواحنا، ومع ذلك تغيّر وجه العالم.
“الحب لا يصنع المعجزات بصخب…بل يغيّر العالم بهدوء.”
نبضة ختامية
الحب قوة لا تُرى،لكنه سرّ كل ما نراه. يحكم العالم كما يحكم القلب الجسد،ويمنح للحياة معناها كما يمنح النبض للدم حياة.لو لم يكن الحب موجودًا…لما كان الإنسان إنسانًا.
فاطمة الصباح
مقالات سابقة للكاتب