يقول أبو الطفل .. “ولدي في الصف الثالث الابتدائي ، طلب منهم المعلم إعداد لوحات مشاركة في حفل المدرسة بمناسبة اليوم الوطني ، وتعبيراً عن حبهم لوطنهم” .
جاء الطفل ووجه الطلب لوالده .. فرح الوالد لما يرجوه من تنمية للحس الوطني في ابنه الصغير الذي تتلاطم الأمواج المغرقة من حوله ، والتي يرجح أنه لابد سيصارعها قريباً ، والوطن غالي نغرق لينجو!
انطلق للمكتبة مصطحباً ابنه واشترى من الأدوات بمبلغ كبير على مرأى من صغيره وكان يسمعه كلمات الإجلال للوطن ، فكلما عرض عليه البائع أداتين مختلفتي السعر قال أعطني الأغلى هذه من أجل اليوم الوطني لوطننا.
عادا للبيت واستعدت أخته لمساعدته لإعداد اللوحة ، الأب يوجه ويستمع لرأي ابنه الصغير ويأخذ به ، والأم تجلس تتابع .. يقول كلنا جعلنا من هذه الفرصة – ونحن نعظمها لأنها تتعلق بالوطن وحب الوطن – لصغيرنا درساً في الإجلال والإكبار للوطن .. وما تصدقني وأنا أقول لك أن هذا الدرس ( إعداد اللوحة ) استمر من حين جاء طفلنا من المدرسة حتى وضعناها له في السيارة صباحاً وهو ذاهب للمدرسة وبكل عناية وحفاوة .. مابين شراء الأدوات والاتفاق على عناصر اللوحة والجهد والحديث عن اللوحة وعن المشاركة بها في هذه المناسبة ، ووضعها عند رأسه وقت نومه وحينما استيقظ .. نعم كان درساً في حساباتنا تربوياً وطنياً حقق في نفس صغيرنا تنمية أسعدتنا ..
انطلق بها يساعده السائق وسُلمت للمدرسة ! ، وبقي الطفل يترقب ظهور لوحته في هذه المناسبة الوطنية ، وقد رأى من تعب أسرته وتكلفها في إعدادها .. في كل فسحة يخرج وينظر وقد ذهب اليوم الدراسي والحصة الآخيرة ولم ير لوحته ! وذهب يبحث في ممرات المدرسة لعله أن يراها.. لكنه فوجيء بها مرمية تعرضت لبعض التلف ..
يقسم والد الطفل أن ابنه مصدوم ، لم يقبل طعاماً ويحاول أن يخفف عنه ، لكن الطفل يرد على والده ( وتعبنا يا بابا والفلوس الكثيرة التي أعطيتها المكتبة!! وأختي تعبت معي!! ) ويبكي تحسراً ..
( ونبكي نحن على التربية الوطنية .. ونقول إذا كانت تربيتنا لحب الوطن هكذا فلنبك بل ونلطم ) .
أحمد مهنا الصحفي
مقالات سابقة للكاتب