فاتحة:
وذات يوم وطني كتبت نصَّاً شعرياً بهذه المناسبة العزيزة على نفوسنا… يوم الوطن.. ويوم العزة والأمجاد.. رافعين شعار (عزنا في طبعنا) الذي تم اختياره لهذه المناسبة في عامنا هذا.. ونعم الاختيار!!
أستعيد هذا النَّص المجتزأ من قصيدة طويلة بعنوان: وطن الشموخ.. قلت فيها:
وطن الشموخ.. تحفه دعواتي
وتيقني أن فيه خير حياتي
****
مرت سنين المجد في في خطواتنا
تتلو معارج وحدة وثبات
****
فيها سمونا للعلا.. وتسامقت
أرواحنا في أرفع الدرجات
****
فيها اكتسبنا المجد من شرفاته
وفيه ارتقينا عالي الشرفات
****
ومضت بنا الأيام في وثباتها
جيلاً فجيلاً رافع الجبهات
****
لم نحنها إلا على هذا الثرى
طلباً من الرحمن فيض هبات
****
يا موطني.. ولأنت كل سعادتي
ولأنت ذكرى عند كل صلاة
****
حيُّوا معي وطناً تسامى وارتقى
وطن الشموخ ومنتهى الغايات
واليوم نسعد بهذه المناسبة، ونحتفي بإنجازات الوطن الثقافية في هذا العهد الميمون/ العهد الزاهر/ عهد الحزم والعزم والرؤية الوثابة.
وستكون وقفتي الوطنية مع الكتابات النسائية في بلادي السعودية من خلال ثلاثة أعمال ثقافية تتجلى فيها مكونات الوطن على لسان بعض الكاتبات والمثقفات السعوديات.
وأولها كتاب تاريخي/ صحفي تتعالق فيه المؤلفة/ الكاتبة مع الوطن وإنجازاته وطموحاطه عبر مقالات صحفية تنبئ عن كتلة المشاعر والانتماءات للوطن وقادته، ورجاله ونسائه، أرضه وفضائه، ممتلكاته وإنجازاته!!
إنها مشاعر وانتماءات تليق بروح الأنثى صانعة الأجيال ومربية الأمم. كتبت في مناسبات وطنية، وتتابعت مع كل إنجاز وطني تسابق فيه العالم، وتقود المسيرة، وتستشرف المستقبل.
تقول الكاتبة في إحدى مقالاتها: “رأيت بنات الوطن وهن يعملن في المطارات والسفارات وكافة مرافق الدولة… بل رأيتها تتبوأ مناصب عليا في الوطن وفي المنظمات الدولية وتترأس مجالس الإدارة في شركات عملاقة.. رأيتها تعمل في الشرطة والحرس الملكي والحرس الوطني”…
مقال عن تمكين المرأة السعودية في عصر الحزم والعزم والرؤية وأنها أخذت حقها، وتبوأت مكانتها، وشكلت إضافة للتنامي والتطويري الذي تشهده بلادنا السعودية وعلى يد المرأة السعودية، بنت البلد التي نالت حظها من التعليم والتدريب والتشكل الإنساني والوطني للخدمة في كل المجالات.
ولم تقف كاتبنا عند تمكين المرأة السعودية بل تحدثت في كثير من موضوعات الكتاب عن الملك عبدالعزيز ورؤيته الإنسانية منذ تشكل الدولة السعودية الثالثة، وتحدثت عن الدور الريادي للمملكة دولياً وعالمياً في مجال المساعدات الإنسانية، وتوقفت كثيراً عند منجزات ولي العهد/ صاحب الرؤية/ القائد المحفز/ القائد التحويلي، القائد الملهم (محمد بن سلمان) خفظه الله.
ولا شك أن مناسبة وطنية كالتي نحن عليها اليوم في دورتها الـ (95) للعام 1447هـ/2025م جديرة بأن يكون هذا الكتاب رفيق أيامنا ومساءاتنا الوطنية قراءة وتحليلاً فهو جهد ثقافي/ صحافي لناشطة ثقافية من بنات هذا الوطن ومن سيداته الفضليات إنها الرائدة في المجال الصحفي والتربوي، الروائية والقاصة وكاتبة الرأي الدكتورة سونيا أحمد المالكي وكتابها: (عنواننا وطن)، الصادر عن دار تكوين 1443هـ/2022م.
# # #
وثاني هذه الأعمال الثقافية، كتاب سيري (في أدب السيرة الذاتية)، تتحدث فيه المؤلفة السعودية عن إحدى المدن الكبرى في السعودية/ جدة وتحولاتها التطويرية ضمن الجهود الوحدوية والتطويرية في بلادنا السعودية وعلى يدي ملوكها العظام بدءاً بالملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود. وتشير بكثير من الفخر إلى هذه التحولات التطويرية مع شيء من المرارة والأسف على التغيير السكاني والمناخي والاجتماعي الذي يتأثر بكل موجة من موجات التطوير والبناء!!
تذكر الكاتبة/ المؤلفة (الكيلو خمسة) في جدة والذي كان ضاحية خارج السور من جهة الشرق على طريق مكة المكرمة وكيف امتد العمران والتطوير إلى ما هو أبعد من ذلك. كما تذكر الطرق والشوارع في جدة في بدايات النهضة السعودية (أوائل الستينات من القرن العشرين الميلادي/ الثمانينات من القرن الرابع عشر الهجري). وتذكر أماكن التنزه المتاحة آنذاك… وتقودنا مع مسيرة التطور والتنامي الدالى على رؤية المؤسس يرحمه الله والملوك من بعده.
والسيرة التي بين أيدينا مسيرة ذاتية، وعالية، سيرة مجتمعية من حيث العادات والتقاليد، وسيرة مجتمع مصغر، له صداقاته واجتماعاته ومنظوره للناس والكون والحياة.
ولعلنا نشير في عجالة إلى ملمح مهم من هذه السيرة وهو (السينما في جدة) التي كانت من الممنوعات ولا يستطيعها إلا ذوو الجاه والعلاقات والنوادي المغلقة!!
ولكنها اليوم أصبحت واقعاً ملموساً ومعلناً في كثير من أسواقنا المنتشرة على امتداد بلادنا السعودية.
وتختم هذه الجولة التعريفية بمقولة للكاتبة/ المؤلفة عن دور النساء/ المرأة في المجتمع السعودي آنذاك.. تقول: “أما النساء فكان تنافسهن على العمل البيتي والتطوعي فالأطباق الشهيرة التي تقوم بإعدادها كل سيدة بنفسها جعلت تبادل وصفاتها من أهم أحاديث الزيارات النساية.. كانت كل سيدة تفخر ببراعتها في إعداد الطعام”.
وأخيراً فهذا الكتاب (السيرذاتي/ يزداد أهمية بالصور التوثيقية لمعالم جدة في الماضي مما يجعل القارئ وثيق الصلة بما كانت عليه والتعرف على ماضيها الجميل وما وصلت إليه الآن من تقدم تطور ونهضة عبر العهود السعودية المعاصرة.
إنها (سيرة)/ الأديبة/ الكاتبة ليلى النعماني علي رضا، الموسوم بـ/ ذاكرة الزمن الجميل/ جدة التي أحببتها، الصادرة عن دار الانتشار العربي، عام 2009م/1431هـ.
# # #
وثالث هذه الأعمال الثقافوية قصيدتان وطنية/ أنثوية، كتبتها إحدى الشاعرات السعوديات المعاصرات في ثوب من شعر (التفعيلة) الذي هو موروزث عربي، أجناسي أدبي معاصر، يخرج عن هذه القصيدة العمودية/ الخليلية/ البينية/ الشطرية إلى آفاق القصيدة الحرة/ الشطرية/ التي تتنامى فيها التفعيلات الوزنية، والموسيقى الداخلية، واللغة المكثفة التي تختزل الكثير من المعاني والدلالات.
في القصيدة الأولى والتي عنوانها: (أطل على الوطن الأخضر) ص ص 13-16ـ يتجلى الوطن السعودي من خلال الرموز والإيحاءات مثل: الأخضر الخفاق.. دلالة على العلم الوطني/ الرمز الخالد/ الذي لا يسقط ولا ينكس في المناسبات المأساوية، لأنه يحمل الشعار الديني/ كلمة التوحيد/ لا إله إلا الله.. محمد رسول الله..
ومثل: النخل – رمل الصحارى – قاموس البداوة – الأذان وآية الكرسي وهذه كلها رموز توحي بالتفرد والتنوع والأصالة والتمسك بعرى وثوابت الدين من أذان وآيات قرآنية: فالنخل والنخيل شعار بلادنا الحبيبة، ورمل الصحارى ميزة هذا الوطن جغرافياً حيث صحراء الربع الخالي، وصحراء النفود، وصحراء الدهناء، وما بها من كنوز بترولية ومعدنية وآثارية!!
ومثل: الفل، شميم العرار، الورد، وهذه إشارات ودلالات المناطق السعودية وزراعاتها المختلفة الفل الجازاني، شميم العرار النجدي، الورد الطايفي.
ومثل: السواحل، الجبال، الخضرة، الزرقة وهذه دلالات مكانية وإشارات تعريفية لمعالم سعودية فالشواطئ والسواحل البحرية شرقاً وغرباً وجنوباً، والجبال السامقة في السراة ونجل وحايل، وخضرة التنوع الزراعي والعشب الموسمي وزرقة البحر والبحيرات ومجاري المياه التي تتمتع بها بلادنا السعودية!!
ومع هذه التجليات المكانية والزراعية والجغرافية والدينية التي تصوغها الشاعرة في نصِّ تفعيلي وأسلوب مائز، نستروح فيها لذة الشعر الوطني حيث تقول:
“في يومه الوطني
لا لغة سواه تضمني
كلِّي أناه
وبي اعتزاز أخضر الشرفات
يأخذني في عشق سعودي الطريقة
كل عشق ممتحن!!
في يومه الوطني
أكتبه على الورق المعتق في شراييني
ملاذاً
ثم أعبر باتجاه حلم
سيدة بكامل زينة النجمات
تعشِبُ في يدي الكلمات
لا معنى سوى هذا الوطن!!“
قصيدة كتبت بماء الروح والانتماء والصدق والأحاسيس الوطنية الأنثوية الصادقة.
وفي القصيدة الثانية ص ص 19-20 الموسومة بـ/ هوية الأغنيات يتشكل الوطن السعودي في عيني الشاعرة ولغتها الشعرية فهو الضياء، وهو الشامخ بتضاريس الجبال السمر، وهو الحكمة والقغة الخالدة!! تقول:
“أضئ بي/ ثم قل شيئاً/ لأعبر بي إليك لما تريد
هوية أولى/ لكل الأغنيات..
وكن بيني وبين الظل/ شامخة تضاريس الجبال السمر/
مشرعة شبابيك الحكايا/ مثلما ذات لذات..
أرى عينيك من عينيك/ يا وطناً به اتسعت أصابع
سيري/ فاخترت حكمته/ وعانقت اللغات “
هذه قصائد الشاعرة السعودية/ بنت الطائف المأنوس الدكتورة مستورة العرابي، من ديوانها/ ما التبس بي… ما غبت عنه، الصادر عن نادي الطائف الأدبي ودار الانتشار العربي عام 2020م = 1442هـ.
وهكذا كنا في سياحة وطنية، تحتفي بيومنا الوطني الخامس والتسعين للعام 1447هـ/2025م، كما صورته الأديبة السعودية إن تأريخاً، وسرداً سيرياً/ أو شعراً وطنياً.. وكل ذلك تعالق أنثوي فاعل ومنتج. فالمرأة السعودية بلغت عصر التمكين والتموضع الثقافي والأدبي والقيادي في كل المجالات في العهد السلماني/ عهد الرؤية/ عهد المكانة الدولية والإقليمية والعالمية.
وكل عام ووطننا السعودي في تقدم وحضارة وأمان.
والحمد لله رب العالمين.
جدة: من يوم الأربعاء 4/3/144هـ
إلى يوم الأربعاء 6/3/1447هـ

مقالات سابقة للكاتب