وانقضى العام ..

رَأْس السنة الهجرية هو حدث هام للمسلمين جميعاً ، فيه هاجر الحق عن الباطل ، وشعّ  النور ، واختفى الظلام ، وهاجر رسول الأنام صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ليكون الحدث الذي غير خارطة العالم ، وبناء دولة ، وترسيخ عقيدة ، ونشر الحنفية السمحة لتعم كل بقاع الأرض ، ولتبدأ معها رحلة بناء الإنسان ورقي البشرية وبناء جسور متينة مرتبطة بالسماء ، ونفوس تتوق إلى العمل والتنمية المستدامة؛ وصولاً إلى الغاية من خلق الله للإنسان الرامية لعمارة الأرض في الدنيا ، والأمل والطموح في غرف من فوقها غرف بمقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومن هنا تأتي أهمية التاريخ الهجري لدى كافة المسلمين كونه نقطة تحول يستلهمون منها العبر ، ولعل عام ١٤٣٨ هـ يأتي اليوم في ظروف صعبة للغاية على المسلمين؛ حروب وتشريد وفوضى وغياب للأنظمة من جانب ، وجوع وخوف وهلع ونقص في الأموال والثروات وجفاف وانتشار للأوبئة من جانب آخر.

ومع ذلك تأتي قيمة الأمل والتفاؤل ، وأن عُسْر لن يغلب يُسرين ، وأن بعد الكرب فرج ، وبعد الشدة رخاء ، وبعد الفاجعة مفاجأة ، وبشائر النصر والخير تأتي بعد أن تبلغ بنا الظنون كل مبلغ ، فيأتي الفرج مشرقاً وتهب نسائمه مبشرة بعظيم ماعند الله؛ عندها سيفرح المؤمنون والمؤمنات بنصر الله.

بَيْد أنه علينا أن نداوي جرحنا الدامي ، ونعالج مرضنا العضال ونغلق أبواب شر فُتحت علينا من كل جانب ، ونهدم عادات وتقاليد كانت وبالاً علينا ، أسرفنا بها ووصل منا فيها إلى كفر النعمة ، ومازال الكثير في سباق مشين لعله يدرك بعض القوم وأن كان طموحه الفوز بأن لامثيل له.

لقد أعددنا موائد لا تستطيع بطوننا استيعابها ، وفرشنا الأرض أزهار و ورود ورياحين وخطونا على الحرير ، واغتسلنا بدهن العود ، ولبسنا لبس الملوك ، وركبنا مراكب فارهة بالبر والبحر ، ورقص البعض منا مع مزامير ومعازف ولهونا حتى الضحى ، ونمنا عن صلواتنا واشتغلنا عن ذكر ربنا بأجهزة ذكية وما تحتويه من السوشيال ميديا.

علينا أن نفيق من هذا السبات العميق ، ونصحو مع لحظات انشقاق الفجر الجديد ، ومع نداء حي على الفلاح ، ننفض الفساد وننهي استعباد العادات والتقاليد الضارة ، ونهجر المظاهر وأخواتها من الهياط وسباق الجهلاء في صحراء النوق ومزاين الإبل ، ونترك النعرات القبلية والأسرية والطائفية ، ونعبد رباً وخالق لا معبود سواه ..

ونتحول مع رؤية جديدة وسياسة فطنة تعيش الحاضر وتستشرف المستقبل وتضع قواعد بناء أُسس على علم وتقوى؛ عنوانها العمل ونهجها تحمل المسؤولية وبناء الإنسان وتنمية المكان ، في ظل مجتمع فاعل واقتصاد مزدهر و وطن طموح.

دعوة مع بداية العام الجديد؛ أن نكون بالنظام ملتزمين ، وباللوائح آخذين ، وللأهداف مخططين ، ونحو القمة سائرون بعزم وحزم متين.

 

أحمد عناية الله الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “وانقضى العام ..

ابراهيم يحيى ابو ليلى

بارك الله فيك استاذ احمد فلقد وصفت الداء وشخصت الدواء عل البعض يدرك المقصد والمغزى من مقالك الشامل هذا وان لا تأخذه العزة بالاثم وان نعود الى الله ونطلب منه العفو فاننا حقا نحتاج الى غفران الذنوب من الله جزاك الله خيرا ابا عبد الله وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك وجعل هذا العام عام خير على الامة الاسلامية قاطبة .

احمدمهنا

إن بناء الانسان يكون بتنشيط فكره الايجابي ومقالك استاذ احمد طاقةتنشيط نوعية وكمية.
سلمت يدك..

نويفعة الصحفي

مقال يكفيك فيه انك عندما تقرأ سطوره وكلماته تجده منهج حياة أعطى صورة صادقة عن الواقع ، وأعطى الحلول التي يجب
أن تكون حتى يصبح العالم نقطة تحول ليس في الزمان فقط بل حتى في حياة الانسان بما يحقق رضى الله ومن ثم مواكبة رؤية جديدة لوطن طموح . شكراً أ. أحمد وشكراً للصحيفة المتألقه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *