في حياة كل واحدٍ منّا أشخاص لا يشبهون أي أحد ، يمضون في أيامنا فيتركون أثرًا في القلب لا يُمحى لا يميزهم المال ولا المكانة بل مواقفهم النبيلة التي تبقى في الذاكرة مهما مرّ عليها الزمن أو تعاقبت عليهم التحديات والصعوبات ومن بين هؤلاء يبرز أخي الحبيب أبو نايف رجل شهمٌ حكيم كريمُ الخُلُق يحمل ُ قلبًا أبيض يفيض مروءة ولطفًا وعطاء بشهادة الجميع.
كان دائمًا إلى جوارنا في الشدائد يخفّف الحزن بابتسامته المشرقة ، ويزرع الأمل بكلماته الطيبة حضوره راحة وغيابه فراغ لا يُملأ أبداً.
وحين مر بوعكة صحية صعبة ازددت يقينًا أن العظماء لا تضعفهم المحن وأن الشموخ لا يُهزم بجراح ولا يُطفئه وجع.
في لحظة صامتة داخل غرفة العمليات وتعلقّت القلوب بالدعاء وامتزجت الدموع بالرجاء، كأن الألم كان طريقًا إلى الفرج الذي ننتظره جميعًا.

أُجريت له عملية دقيقة لاستئصال فص من الغدة الدرقية وشخّص الأطباء أنّ بالغدة ورماً حميداً والحمد لله ، كان مشرط الجرّاح قاسيًا على الجسد لكنه مر على قلوبنا برفق مؤلم ، لقد ترك فينا وجعًا ممزوجًا بالامتنان وخوفًا مشوبًا بالأمل.
حين رأيته بعد العملية لم أتمالك نفسي فانهمرت دموعي بلا استئذان ، كانت دموع محبة صافية صادقه لا تشبه إلا دموع الإخوة التي لا تشيخ أو تهزم أو تموت.
ورغم تعبه ومعاناته بعد الإفاقه من العملية كان كلما دخل عليه أي أحد ليعوده ويزوره مد يده ليصافحه مبتسمًا بعينيه المرهقتين مشيرًا وموجهاً إلى ترمس القهوة لإكرام ضيوفه كعادته التي فُطِر عليها وكأنه يقول أنا بخير وكرمي لم ولن يتعب.
غابت عنه مؤقتًا قدرته على الكلام لكن شموخه وكرمه وابتسامته الدافئة ظلّت كما هي كأن المرض لم يقدر أن يمس أو ينال من جوهره الأصيل الجميل.
قد يمنحك الله أصدقاء طيبين لكن قليل من الناس يمنحك وجودًا فخماً لا يضاهيه أي وجود كما يشبه أبا نايف الإنسان النادر في زمن ازدحم بالوجوه وافتقر إلى النبل والصدق والكرم والوفاء.
ومهما كتبت عن أخي أبا نايف يبقى فوق الوصف وتعجز الكلمات عن إيفاءه حقه لأنه ببساطة رجل نادر لا يتكرر بسهولة.
سلام على روحك القوية أخي الحبيب أبا نايف، واسأل الله لك عافية تامة تليق بقلبك النقي العظيم الصافي ، فأمثالك لا يُختبرون بالمرض بل يُمتحن بهم الإخاء ويبقى حضورك بيننا دعاء لا ينقطع وشهادة أن النبل حين يسكن إنسانًا يصبح اسمه أبا نايف.
نوار بن دهري
NawarDehri@gmail.com
مقالات سابقة للكاتب