على مدار ثلاثة أعوام مضت ونحن نأمل ونترقب إطلالة مولودنا الثالث، ولكل منا رجاء وطموح !
جميعنا متفقون على الهدف والغاية وإن كنا مختلفين في الوسيلة .. راهنَّا على مولودنا وذهب بعضنا إلى أبعد نقطة في التفاؤل، وجزم على أنه سيكون نقطة الانطلاق لبناء الهيكل الجديد للأسرة الكريمة !
وكأي مولود أتى وسط فرحة وتهليل وتكبير، وبحسب نظام مواليد هذا الزمان نزل بثلثي أعضائه ! ، وبعملية جراحية على يد كبير الأطباء الذي أضاف الثلث الباقي له !
وعلى بركة الله شبَّ المولود ! .. لكنه عند أول لقاء للأسرة نشب خلاف حاد حول تسميته فحدثت تحزبات وتكتلات وكر وفر ! .. غير أن صاحب السطوة بيت اسم المولود بليل وحسم الأمر ! .. وتمت التسمية بلا عقيقة !
كنا نترقب ولانخفيكم قد بدأ التوجس واشتعلت نار الريبة في سويداء قلوبنا !
مرت الأيام والمولود يكبر وينشأ ولمسنا فيه جفوةً نحو والده وأهله !
وزاد استغرابنا عندما ذهب للصبية والتلاميذ يسترشد بهم ويطلب منهم الأفكار لبناء وتنمية المكان !! .. غير أننا حملنا الأمر على المحمل الحسن، بل وباركنا الخطوة وقلنا مولودنا به رحمة وشفقة ولين جانب وعاطفة أبوية !
لكننا تفاجأنا عندما أتيناه وخاطبناه فإذا به يتوارى عن لقائنا ويعتذر !
قلنا له: نحن أهلك وذويك وقرابتك !
ولّى صامتًا ولم يعقب !
وبعد حين إذا به يلتقي في انتقائية مدروسة مريبة بعض المشايخ الفضلاء وإذا بهم يشكرونه !!
على ماذا ؟ لسنا ندري !
وإذا به يشكرهم وقد علمنا لماذا !
ثم صدحوا شفافية ووضوح !! وهو لم يجرؤ على ذكر أسماء المشايخ ! عجبًا ثم عجبًا !
ومع ذلك، أتيناه وبلطف العبارة تحدثنا إليه: لم هذا النفور والجفوة ؟! .. فإذا به يصدمنا ! أنتم أجلاف وبكم جِنَّة وبيدكم أجندة ! تعملون للمجهول وتخططون لأهداف خاصة!
ذهبنا بعد أن صعقنا !
كدنا ننكر مولودنا ونتبرأ منه !
أهذا ماكنا نرجو ونحلم !؟
لا .. لا ليس هو !
بالتأكيد في الأمر ريبة وبالدار جِنَّة !
فأتينا بقارىء يتلو بـ ( يس والواقعة ) لعلها تنجلي الغمة وتذهب عنه الجنة كي يفيق ويعود إلى أهله وناسه، خاصة وهو يعد العدة كي يلتقي ببعضنا، وبعضنا من أولئك الذين سيصفقون له ويشكرونه ويسمعون له ولا يعصونه !
كم هي حيلة مكشوفة لاتنطلي حتى على التلاميذ الذين جلس يسمع منهم ! وليته يعلم أن القوم بديوانياتهم يقهقهون وعلى خططه يحزنون !
أفق يابني !
يابني أردناك صوتنا فكنت علينا سوطنا !
وراهنّا عليك فخسرنا رهاننا !
ورجوناك طموحًا فأجبتنا نكرانًا وجحودًا !
يابني انتظرناك تلتقي أصحاب الاختصاص والفكر والخبرة ومن يمتلك الرؤية، وذهبت للتلاميذ وطلاب المدارس ! وهم أبناؤنا – أنعِم بهم وأكرِم – !
وبحثنا عنك حيث يجب أن تكون فلم نجدك !
وهرولنا نحوك فوجدناك تحث الخطى تبتعد عنا !
يابني ستذهب الأيام وتمر الأعوام وسترحل بعد ثلاثة أعوام ولن يبقى لك سوى عملك !
يابني لاتكن القشة التي قصمت ظهر البعير !
وإياك أن تكون حجر عثرة أمام ولادة أخٍ لك سيأتي من بعدك ! يُخشى ألا يأتي وإن أتى سيكون مسخًا!
يابنى ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ).. فالحذر الحذر من إخوتك ( فقد بلغ السيل الزبى ) ! .. وإنهم قد باتوا يسرجون خيولهم ! فعد إليهم واستمع لهم واعتذر منهم وكن بكنفهم ، كما كنت وليدًا ! ، فإننا نعيش بعالم منفتح بعضه على بعض ولايخفى منه شي ولا تكن كالنعامة التي تدس رأسها!
يابني عُد وتحرَّر من التبعية وأعلنها مدوية : أنا ابنكم ، ابن ديرتي ومجتمعي .. أنا “”بلدي خليص””.
أحمد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب