لم يكن العام 2016 عامًا جيدًا على العالم إذ تميز ببطء نمو الاقتصاد العالمي واستمرار انخفاض أسعار النفط ليأتي عامًا عصف باقتصاديات الدول في العالم أجمع؛ ولأننا من هذا العالم ويصيبنا مايصيبه جاءت الميزانية العامة للدولة وسط ترقُّب من الخارج والداخل على حد سواء.
وحملت الميزانية التي أُعلنت يوم أمس بحماية محدودي الدخل من تبعات الإصلاحات الضرورية واستمر الإنفاق العالي على الصحة والتعليم والدفاع بسيناريو متفائل ومتوازن يهدف لمرحلة الانتقال من العجز إلى الوفرة في رحلة تمتد لأربع سنوات قادمة سيكون فيها محدودو الدخل في أمان بالدعم النقدي المباشر وكأنهم في عين القلب.
الميزانية تعكس رؤية المملكة 2030 ( رؤية الحاضر للمستقبل ) في خطوتها الأولى – وأصعب الخطوات أولها – والتي تهدف لتعزيز موقعنا في الاقتصاد العالمي وتحقق الأولويات وتقوي وتطور القطاع الخاص والذي بات شريكًا موثوقاً تُعقد عليه الآمال، تستمر التنمية ورعاية القطاعات الخدمية وتبنت الميزانية الإصلاح الاقتصادي والهيكلي والتي تفضي إلى السيطرة على العجز وتطوير كفاءة الإنفاق واستمرار نمو الإيرادات غير النفطية والشفافية.
يطوي الوطن العام ويستقبل عامًا جديدًا بميزانيةٍ تحمل الانطلاقة نحو تنفيذ التحوُّل الوطني بزيادة 6 ٪ من الإنفاق عن العام الذي سبق، وهذا يعكس قوة الاقتصاد والذي عبر بمهارة من فخ الأزمة الاقتصادية.
الأرقام المُعلنة يوم أمس جاءت لتطمئن المواطن بالدرجة الأولى على دخله ورخائه ورخاء أبنائه وعلى حاضره ومستقبله بعد أن استبد القلق بعد قرارات إلغاء البدلات والمميزات في الرواتب وهو قرار عكس العزم والمصداقية في تنفيذ الإصلاح والذي يؤهلنا للانتقال إلى آفاق أوسع وأشمل ويحمل الخير لنا ولأجيالنا القادمة.
ومن فيض خيرات وعطايا الميزانية حضرت الشفافية التي بيّنت وبشكل جلي التفاصيل للمختصين والمهتمين وللمواطنين من غير المختصين في شؤون المال والهيكلة الاقتصادية.
أما أبرز منجز لميزانية هذا العام فيأتي ” حساب المواطن ” بلا منافس والذي يهدف لحماية الأسر محدودة ومتوسطة الدخل من تبعات إصلاح نظام الدعم الحكومي والذي يبدو في ظاهره قاسيًا لكن في باطنه الرحمة، محققا العدالة ومعززًا للاستخدام الأمثل للموارد على أن تخضع الإجراءات للمراجعة الدورية، إن الاهتمام بمحدودي الدخل ووضعهم في أولويات اهتمام الحكومة هو مؤشر على نجاح الرؤية وحتى لا تطحن عجلة التنمية مدخراتهم وأحلامهم .
من العجز للوفر رحلة تكتنفها المخاطر والتحديات كالانتقال من التبعية للاستقلال ولن تكون رحلة خالية من العوائق والمصاعب، لكننا بإيماننا ببعضنا البعض نستطيع عبورها تحفنا رعاية الله ونصره.
أليس النور يتسرب إلى الظلام؟!
كل عام ووطني في نور وإن عمّ الظلام!
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب