لا يكاد بيت أو مكتب أو مكان في العالم يخلو من شبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت ) ؛ بل وأصبح الوصول إليها سهلا بسيطا غير ذي كلفة أو مشقة ؛ فأنت تستطيع أن تتجول حول العالم من خلال حاسوبك في منزلك أو تسافر إلى أصقاع الدنيا وأنت مستلقٍ على سريرك فتقلب في جهازك الجوال كيف تشاء ، تستطيع _ والحال هكذا _ أن تقضي الساعات الطوال منهمكا في بحر لجي من المعلومات والغرائب والأخبار وأحوال العالم وبإمكانك أن تتلقى سيلا عاتيا من الوجبات التي تشدك وتجعل التخلي عنها أمرا في غاية الصعوبة.
وفي نفس هذا البيت يوجد فتيان وفتيات هم في عمر المراهقة أو أقل منها فعل بهم هذا الإنترنت الأعاجيب حتى أصبح الواحد منهم يترك الطعام والشراب ولا يستطيع الاستغناء عن هذا العالم المتمادي في الاتساع ، هذا العالم الذي يضم الصحيح والسقيم والمحافظ والمتحرر والمتزن والماجن وكل ذلك في متناول أيدي أبنائنا، نحن ندرك تماما أن المجون والفسق والكفر والإلحاد والإرهاب كلها موجودة في ثنايا تلك الشبكة ونعلم أن ترويج المخدرات والشذوذ الجنسي يتم ليل نهار خلال هذه الشبكة ( العنكبوتية ) ونعلم يقينا أنه ومن خلال صفحات هذه الشبكة يتم التعرض ليل نهار لوطننا قدحا وشتما وإنقاصا من شأنه من حاقدين ومأجورين ودعاة فتنة بغيضة ، فكيف نحصن شبابنا من عنفوان هذا المتوحش ونجعلهم متيقظين لكل ما يطرح فيه مستعدين للحكم على جيده وسيئه؟
إن سياسة غلق الأبواب والمنع لم تعد تجدي نفعا فالعالم اليوم أصبح غرفة صغيرة ؛ بل هاتفا محمولا في جيب أحدهم ومن باب العمل المنظم ينبغي على دور التربية والمؤسسات المساعدة أن تعي دورها التوعوي والهادف في تعريف النشء بفوائد ومساوئ هذه الشبكة وكيف تتم الاستفادة المثلى منها ، إنني أهيب بمشاريع محددة مثل مشروع البيت الآمن أن يحعل جزءا من اهتمامه موضوع ( الإنترنت الآمن ) والذي هو أشد أهمية في نظري من توعية الناس بأدوات السلامة في المنزل وإن كانت كلها مهمة ..
إننا على يقين أن مشروع البيت الآمن وبما يملكه من رائدات في العمل التربوي والخيري والفاعلات على مستوى المحافظة ، يقع على عاتقه مهمة التوعية والتنبيه والإرشاد لإنترنت آمن في بيوتنا وأرى أن يقمن المسؤولات عن المشروع والمسؤولين كل في ميدانه باستهداف المدارس خاصة الثانوية منها ونشر ثقافة الإنترنت الآمن .. وفق الله الجميع لكل خير وحمى الله شبابنا من كل شر.
مفلح الصاطي الحربي
مقالات سابقة للكاتب