انفض السامر وتفرق القوم ومر يوم اللغة العربية الذي عكس حبها في النفوس والحماس المتنامي لخدمتها ونشرها والعناية بها، ولم يخلُ الأمر من أصوات تتحسر على قلة الاهتمام بها ولمز وغمز بتقصير جهات ومؤسسات تجاه لغتنا الأم ، يقابلها أصوات تطالب بأنظمة لحمايتها وجعلها المستخدمة في كل شؤوننا اليومية والتمكين لها؛ حتى لا تطغى العامية على حضورها وتبقى حبيسة كتب ورفوف ومخطوطات .
وأصحاب هذا الرأي يستدلون بضعف الأجيال الحالية في قواعد اللغة والمهارات الإملائية وينظرون لما يكتب في وسائل التواصل من أخطاء كارثية على حد وصف أحدهم، ولكي أقف في المنتصف بين المتشائمين والمتفائلين بواقع ومستقبل اللغة العربية الذي لن يتحقق بالاحتفالات والوسوم والقصائد والمهرجانات بل بمراجعة المحتوى وطرائق التدريس وتشجيع ممارسات استخدام اللغة في الخطابة والتأليف والترجمة والخط والإملاء والإنشاد وجعل تلك الممارسات من أساسيات التعليم؛ حتى تبقى اللغة العربية ترى الشمس وتتنفس الهواء؛ فلغة مثل العربية لديها هذا الإرث كله وكُتِب بها وحُفظ بها عن ظهر قلب طيلة أكثر من ألف وخمس مئة سنة من الصعب أن تضمحل من اللسان أو أن تصبح حبيسة رفوف ومخطوطات.
ولا يفوتني هنا أن أشكر اللجنة الثقافية بخليص على تكريمي في يوم اللغة العربية، وعلى اهتمامها بلغة القرآن وروادها سواء بمجالات التأليف أو العمل أو مواقع التواصل التي لا تخفى أهميتها على كل ذي لب.
فذلك الحراك المجتمعي كسب الكثير من القلوب الغيورة على اللغة، المحبة لها، وهذا من أسمى المكاسب في المجتمع إذ فيه من التكامل الهام بين المؤسسات في تنظيم الفعاليات، فلغتنا لغة موحدة.
فنحن بحاجة للاهتمام بالتخطيط اللغوي السليم ليبقى الأثر الإيجابي في نفوس أبنائنا؛ ليسعى الجيل إلى مشاريع عملية وأعمال إبداعية وبرامج تطويرية تنهض بلغتنا الأم التي طالما نظرت لها كأميرة للغات بدقتها ورقتها وحُسنها وكمال وصفها وجمال حروفها وعذوبة موسيقاها وبلاغة تفاصيلها التي لاتُمل.
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب