مفاسد التقنية

لا أدري إلى متى ستظل تتحكم فينا هذه الأجهزة وشبكات التواصل ؟
صحيح أن لها منافع جمة لمن أراد المنفعة ، فهناك من يستخدمها للدعوة إلى الله وتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم بالحق وللحق وفي الحق ، وكذلك من يستخدمها لأعمال البر والخير والاستثمار والتجارة وأمورًا غير ذلك مما ينفع الناس وينتفعوا به ، فهذا قد أحسن التصرف في استعمال هذه التقنية التي هي نعمة من نعم الله ، 
ولكن من أراد غير ذلك فهي سوق رائجة بالأكاذيب والافتراءات حتى على الله ورسوله والدين والسخرية من كل شيء والتلاعب بكل ما هو جميل في أمتنا ، والمناداة بما يعزز الفتن وإيغار الصدور وتنمية العداوة والبغضاء والسب وانتقاص الأخر بكلمات وعبارات نابية وإحياء للجاهلية والعنصرية ، والتنابز بالألقاب والطعن في الأحساب والأنساب مما جاء الإسلام لمحوها ليتعايش الناس كأمة واحدة جعلها الله ” خير أمة اخرجت للناس ” ، وذلك بوحدتها وتكاتفها وتعاضدها وشد كل فرد من افرادها أزر أخيه.
وأما قاعدة النسخ واللصق فحدِّث ولا حرج ، فكم تصل إلينا في اليوم من هذه الرسائل المليئة بالأكاذيب للأسف ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الذي رواه سمرة المخرج في صحيح البخاري، وفيه: (رأيت الليلة رجلين أتياني قالا : الذي رأيته يشق شدقه ، فكذاب يكذب بالكذبة ، تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيصنع به إلى يوم القيامة.) ، أبعد هذا الحديث المخيف يستسيغ شخص أن يدأب في هذا العمل وبدون تمحيص أو استقصاء ، وهذه المواقع والشبكات العنكبوتية مشحونة بالأكاذيب التي تبلغ الآفاق بضغطة زر ، فإذا هي تبلغ اقصى العالم وتنتشر بسرعة الضوء وقد تصادف أصحاب النفوس المريضة الذين يتصيدون الأخطاء ويروجونها لغرض التفرقة ودق أسافين الخلاف والفتنة ، فكم من الأذكياء الذين أنعم الله عليهم بعقول وذكاء فبدلًا من استخدامها في الخير ومنفعة الناس أخذوا يستخدمونها في تجيير هذه التقنية إلى دمار وإيذاء الآخرين.
وعلى المرء أن يكون حصيفًا أريبًا مع هذه التقنية ، فقد أصبحت وسيلة للنصب والاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل ، فكم سمعنا من قصص قد وقع أصحابها ضحايا في شراك عصابات اتخذت من الذين حسنت نواياهم فخدعتهم وجلبت عليهم المصائب وتحملوا أثر ذلك من الديون ما الله به عليم ، ومن هذه الناحية ربما يقع اللوم على الذين يثقون بكل من هب ودب ونسوا أن هناك شبكات عالمية للنصب والاحتيال بحجة المسابقات ووضع جوائز وهمية  أو الاتجار بالأسهم الى غير ذلك ممن كان من المفروض أن لا يثق بهم أحد ، والذي يجلب كل هذا إنما هو الطمع وعدم الرضا بما قسم الله وحب الدنيا وجمع الأموال بأية وسيلة وطريقة كانت ، فيكون جزاء ذلك الندم والخسران المبين نسأل الله أن يحفظ الجميع .
 

إبراهيم يحيى أبو ليلى
 
 
مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “مفاسد التقنية

غير معروف

بارك الله فكرك وقلمك الذي لا يكتب الا خير
نتعهدك رجل ناصح حريص على المفيد
لا عدمناك ابا ليلى وفقك الله وسدد خطاك
?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *