تنمية البشر قبل تنمية الحجر

  التنمية البشرية هي كل ما يصب في مسار إعداد وتأهيل الإنسان تربية وتعليماً وتدريباً، لإيجاد ذلك الفرد الحر الذي يعرف ماله وما عليه من حقوق وواجبات(ديناً ودنيا)، ولكن ما نشاهده الآن أن الحجر تقدم على البشر! فهل يتوازى الاهتمام بالبنية التحتية للتنمية (مبان وأبراج تعانق السماء وجسور وشق طرق وجامعات في كل مكان من عالمنا العربي والإسلامي وخاصة في دول الخليج) مع ما يبذل من جهود لتنمية الإنسان؟
    لدينا أعلى بناء في العالم (برج خليفة-دبي) ، ونتحمس لتشييد أعلى منه في جدة ، ولدينا فروع لأعرق الجامعات بالعالم ، والكثير الكثير ، ولكن كلنا يعرف تماماً أن من يشيد هذه المباني الضخمة والمنشآت التنموية هم في الغالب من غير أبناء البلد الذين يقتصر دور الكثيرين منهم على تكملة العدد لإرضاء مندوب مكتب العمل!!
    الكل يكاد يجمع على ضعف مخرجات التعليم (العام والعالي-ما فيش حد أحسن من حد!) القطاع العام يشتكي والخاص يجد عذراً في التهرب من التوظيف للمواطن والعذر جاهز….ضعف المنتج وعدم جاهزيته !!
    أدخل لأقرب جامعة مستحدثة ، اذهب لأي قرية أو مركز أو محافظة ستجد أن البلد ورشة عمل كبيرة تتدافع فيها المعدات والبشر من كل حدب وصوب!
    استلم الطريق بسيارتك أو أدخل لأحد الأحياء ستصدم ليس بالسيارات فقط ولكن بسلوكيات البشر فهم ينطلقون بلا ضوابط تفيد أنهم تلقوا تعليماً وتربية تسهم برقي سلوكهم!
    انطلق قبل المغرب بساعة في هذه الأيام الرمضانية وشاهد كيف نتعامل مع بعضنا في الطريق وفي السوق بل وحتى في المساجد!
    الكل يسيطر عليه السلوك الأناني المفرط وعدم الاهتمام بالآخرين من مرتادي هذه الأماكن ( إلا ما رحم ربي وقليل ما هم)!
     وهذه دلالة عميقة على فشل محاضن التربية على النهوض بهذا الإنسان ، فأصبحنا نركز على كم كيلومتر عندنا من الطرق ونسينا أننا أسوأ من يستخدمها إلا من رحم ربي!
    وكم عدد المدارس وكم عدد الجامعات ، وهي تقذف بآلاف الخريجين الذين يأخذون مقاعدهم على رصيف البطالة والدعة والكسل!
    ونتسابق في بناء المساجد والاهتمام بها ، وهي تشتكي من بعض المصلين سيئي الخلق مع أقاربهم وجيرانهم!
    نريد تنمية تربوية وتعليمية تسهم في إعداد الفرد وفقاً لأحدث نظم التعليم بالعالم والاستعانة بكوادر عالمية ذات مستويات عالية تعليما وتدريبا ليكون المخرج لدية القدرة على المشاركة ، ومدركا لمجريات الأمور من حوله وليس مجرد تكملة عدد أو زحمة بالشوارع والأسواق!
    نريد أن نعيد قراءتنا للنصوص الشريعة ونفقه ما نزل وحياً من الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم نطبقه في حياتنا ، لا نصوصاً تحفظ ثم تقذف على أوراق الامتحانات ومنابر المساجد ومدرجات الجامعات ، ثم ندير ظهورنا ونستقبل الحياة بدون منهج أو دراية بأصول الحياة الحقيقية للإنسان!
والله المستعان.

مقالات سابقة للكاتب

7 تعليق على “تنمية البشر قبل تنمية الحجر

احمد بن سعيد الصحفي

مقال جميل واسال الله لك التوفيق وانرجو منكم الاستمرار في الكتابه

غير معروف

أسعد الله مسائك أخي أبو عمر خانني التعبير عن مدى جمال مقالك لاشيء غريب عليك شخص مميز يأتي منه كل مميز وأظن الأسرة هي الأساس في تنمية أفرادها ،حفظك الله ورعاك.

غير معروف

مقاال معبر لوضع المجتمع
الى اﻻمام يا ابو عمر
متعب حمود المورقي

الشيخ معيوف

شكرا ابوعمر روعة في الاسلوب الله يحفظك ويطول عمرك وربنا يصلح الحال ان شاء الله

أبو أنس

يعطيك العافية يا أبوعمر
فعلا تنمية البشر مطلب أساسي قبل تنمية الحجر
هناك دول ليس لديها موارد طبيعية مثل اليابان لكنها لما ركزت على تنمية العنصر البشري ترقت في سلم الحضارة والصناعة واعتلت سلم الدول
بينما في المقابل توجد دول غنية جدا ومازالت تقبع في ذيل القائمة بسبب تخلف العنصر البشري عن مواكبة التنمية فأصبح الانسان فيها عنصر هدم وتخريب بدلا من أن يكون عنصر بناء وتطوير.

السابر

شكرا على هذا الطرح يااباعمر
وتركيزك على موضوع التنمية البشرية ، واستياءك
من بعض السلوكيات التي تصدر من بعض شبابنا
هداهم الله والتى شوهوا بها مانشهده من تنمية
اشرت لها فى كافة المجالات من بنية تحتية وتعليمية
وخدمية …الخ
ولكن المؤسسات التعليمية من مدارس وكليات وجامعات
لاتكفي وحدها لكي تخرج جيلا كما نريده مثاليا في
سلوكه وتعامله وعمله وانتاجه
نعم دورها مكمل ومهم في هذا الشأن ، واساس ذالك في نظري
هو دور الاسرة وربها .
نحن نريد المدرسة هي التي تربي وتعلم وتزرع القيم وتهذب
السلوك ووحدها لاتكفي
رب الاسرة عليه الدور الكبير والعظيم في هذه السلسلة
المترابطة … فكلكم راعٍ وكل مسؤل عن رعيته …الخ الحديث
المشهور .
المسألة لاتحتاج الى كوادرتربوية وتعليمية من الخارج بقدر ماتحتاج الى
تطبيق المنهج الاسلامي الصحيح في كل مناحي الحياة
قولا وعملا واعتقادا وان نبدأ بانفسنا وأهلينا وصولا الى مجتمعنا
وأمتنا وهذا التدرج الألاهي في الدعوة والاصلاح والذي أمر الله به نبيه
عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى ( وانذر عشيرتك الاقربين )
نسأل الله التوفيق والسداد .

مقالك أعجبني

أخي أبا عمر جزاك الله خير طرقت موضوع مهم
لكن الواقع المر الذي نعيشه ونشاهده هو الفساد
اﻹداري في كثير من المجالات .. في العمل الحكومي
نجد ذلك … تشغل المناصب محاباة بمن ﻻ يستحقها
وترسم للأصحاب والمقربين دون دراية حتى وصل الحال
في بعض الدوائر أنه يظلم من يستحق في سبيل وصول
من ﻻ يستحق
فيوقف عن الترقية ظلما
وهاكذ الحال … وإني ﻷتعجب اليوم أن يوجد في
المجتمع من يريد النجاح ﻷبنه ويعطى شهادة
ولو لم يتحصل على علم
فكيف يكون حال مجتمع همه هذا ؟ ….. ﻻ يستقيم الظل والعود أعوجا
نعوذ بالله أن نكون معول هدم
في مجتمعنا أو سببا ﻹضعاف قوة دولتنا الحبيبه السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *