مائة ألف ضحية ! إحصائية مخيفة أصدرتها إدارة المرور بالتزامن مع أسبوع المرور الخليجي الثالث والثلاثين سقطوا بدم بارد في 20 عامًا بسبب الحوادث المرورية !
رقم صعب خيالي وكارثة حقيقية وفاجعة بشرية تحدث بيننا كل ثانية حتى نكاد من كثرة وقوعها ندمن أخبارها ويتبلد الحس الإنساني تجاهها.
إن نزيف الدم الذي يهدر باستمرار في الطرقات وأشلاء الأجساد التي تمزق بين الحديد والنار أمر مؤسف ومؤلم نتجرعه بمرارة ونتقبله بحسرة على عزيز فقدناه.
ياللهول .. أمر لا يصدق 100 ألف قتيل ممن فقدنا بحوادث السير ! لم تفعلها الحروب وحتى أشد الأمراض فتكًا، إنها حصيلة رهيبة تقشعر منها الأبدان وتذرف العيون وتعتصر الجوارح وتبلغ القلوب الحناجر جزعًا على أرواح راحت ضحايا حوادث سير المركبات، ناهيك عن المصابين والجرحى وممن أصبح قعيد الفراش وأولئك الذين أصيبوا بالاكتئاب والأمراض النفسية ! ولن أحدثك عن النزيف المادي جراء تلف ملايين المركبات ، ولن أخبرك عن هول التكلفة المادية التي تدفع كفاتورة علاج للمصابين بالمستشفيات ، ولن أحدثك عن ماخلفته تلك الحوادث من أعداد رهيبة من اليتامى والأرامل والأسر التي تفرقت وتمزقت ! وبالتأكيد ستفجع من أعداد من يقبعوا خلف القضبان بسبب كثرة الديون !
ألم أقل لك انها حرب مؤلمة تقتل بدم بارد !
تقضِي على البشر بدون استنكار ولا شجب ؟!
ولا بيانات من مجلس الأمن ولا هيئات ؟! ولا حتى حقوق الإنسان ؟!
ولانغفل عما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية وبيئية تدمر المجتمعات وتقضي على كثير من الفرص وتميت التنمية وتطور الإنسان.
وإن جئنا نتحدث عن أهم أسباب تلك الحوادث وجدنا أهم الأسباب هو عدم وجود وعي ثقافي مروري عند أغلب قائدي المركبات ، أضف إلى ذلك عدم الاكتراث بأنظمة المرور ولا حتى التعليمات المدونة بالمركبة والإهمال وعدم تقدير للوائح المرور وأنظمته، ومع ذلك تجد من يقود المركبة وهو لا يحمل رخصة قيادة ! وهو بالتالي لديه ضعف بيِّن حتى في اتخاذ القرار الصائب في بعض المواقف الحرجة !.
وتأتي السرعة الجنونية بمقدمة الأسباب إذ هي السبب الرئيسي لأبشع الحوادث دموية !
ومؤخرًا ابتلينا باستخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة ، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي مما أدى إلى وقوع حوادث بشعة وضحايا تمزقت أجسادهم واختلطت مع الحديد في منظر مهيب مخيف.
والعجب كل العجب أمام تلك الأرقام المخيفة من القتلى والمصابين وكل أولئك الضحايا أنك لا تجد ذاك الاهتمام ، ولا يعطى الأولوية في حياة الناس ، ولا يتحدث عنه في وسائل الإعلام ولا مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة ! ، وللأسف حتى خطب الجمعة تكاد تخلو من ذلك وإن كان فهو على استحياء ! ، والأدهى والأمر أن وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن الغرامات المرورية الجديدة وبعض برامج الهاتف النقال تنبه قائدي المركبات عن وجود أماكن ساهر بالطرق ! وهو ما وضع إلا للحد من تجاوز السرعة وعدم الالتزام بأنظمة المرور التي وضعت للحفاظ على سلامة سائقي السيارات ! ، وأمام ذلك ينتابك شك وتظن أن لدى البعض معتقد “أن الخسارة المادية أهم من فقد الأرواح” !
وإن كنا سنمرر كل أخطائنا ونجد لذاك مبرر فبا لله عليك أعطني مبررًا واحدًا لظاهرة ” التفحيط ” التي يمارسها شباب مابين الخامسة عشر والخامسة والعشرين على الأرجح، ويذهب بسببها آلاف من شبابنا في سن الزهور ! وكم من أم وأب تجرعوا مرارة الفراق وقسوة لحظات الوداع لـ فلذات أكباد واراهم الثرى ، وسكبوا على ثراهم سيول من الدموع حتى ارتوت !
قولوا لي بربكم : متى تتوقف هذه الحرب وتضع أوزارها…؟! متى يجف الدم ..؟!
متى نطبق قوله تعالى : ” وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا ” ؟!.
أحمد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب