يكتنز المشهد الثقافي والإعلامي بتحركات حثيثة حول الحالة التنموية التي ينشدها أبناء المحافظة ، وهي في غالبها تحركات ذات اتجاه واحد حتى لتجزم أنها ومع كل اجتماع أو تظاهرة أننا قد وصلنا أو نكاد إلى الصورة المثالية لمحافظة تتمدد بعشرات الكيلومترات على أشهر طريق يربط بين أقدس مكانين على وجه الأرض وتتوغل عمقاً بما لا يقل عن ثمانين كيلاً باتجاه الشرق.
هذه الرقعة الجغرافية بها كنز بشري متنوع حيث يبلغ الثمانين ألفاً من البشر يتوزع كثرة وقلة على أودية وجبال وصحاري غنية بثرواتها الزراعية والحيوانية (كان ذلك سابقاً حيث جفت معظم مزارع المحافظة) ، وقبل ذلك وبعده إنسانها الذي صبر عليها وصبرت عليه دهوراً وهو العنصر الأساسي الذي تتوجه إليه التنمية.
سيتبعثر هذا المشهد ويصبح أثراً بعد عين بعد أن تكالبت بعض الجهات الخدمية كي تستبيح واجهتها الجنوبية ( المثقلة أصلاً بمشاريع صناعية أحرقت الأخضر واليابس ) ، حيث يراد وضع مشروع مسخ سمي زوراً وبهتاناً بـ ( مدينة غران اللوجستية ) ، ومما زاد الطين بلَة هو تقاعس وزارة الشؤون البلدية والقروية في حسم الموضوع وبحسب القوانين واللوائح الضابطة لمشاريع المستودعات والورش حيث لا تجيز وضعها بين الأحياء السكنية، والمفارقة العجيبة أنها نفذت هذه الشروط في كثير من المدن السعودية وأخرجت المشاريع الصناعية والمستودعات من الأحياء السكنية!
رحمة بإنسان هذه المحافظة .. لا نريد كارثة أخرى بسبب التخطيط السيء للخدمات والمشاريع التنموية ( مكاناً وزماناً وتنفيذاً ) ، ويكفي بعثرة وتمزيقاً لأوصال المحافظة بمصانع وورش ونفايات المدن ومخرجاتها الهادمة لكل أمل في محافظة تغري بالبقاء فيها.
محمد سعيد الصحفي – الكلية التقنية بجدة
مقالات سابقة للكاتب