جاءت القرارات الملكية والتي صدرت مؤخرًا وتم بموجبها إعادة البدلات والمكافآت إلى سابق عهدها، لا لتثبت قوة اقتصادنا ومتانته وقدرته على مواجهة الأزمات فحسب؛ بل لتذلِّل وبشكل جلي حب القيادة ورعايتها واهتمامها بشؤون المواطنين والحرص على الرفاهية والنمو.
لقد كانت رسالة واضحة أننا لازلنا بذات القوة والمكانة، وأن الأزمات لاتزيدنا إلا قوة، وأن مواجهة المشكلات والتحديات سمة للأقوياء الذين يواجهون مشكلاتهم وتحدياتهم بإيمان عميق وعزيمة حديدية، ولا تُقاس الدول إلا بالاقتصاد ومعدلات النمو، فالمعيار حول العالم واحد تقريبًا، تنجح إذا نجح الاقتصاد وازدهر واستطاع أن يكون منتجًا للوظائف، ومساهمًا في الناتج القومي ومعتمدًا على قدرات مواطنية ومستقلًا وبعيدًا عن الأزمات والتقلُّبات.
أُدرك تمام الإدراك أننا لسنا بمعزل عن العالم وأننا نتأثر بكل حركة اقتصادية تقع في الشرق أو الغرب، فالانكماش أو البطء في الاقتصاد يمكن أن يداهم الدول دون تحذير، هذا قدر هذا العالم الذي تضربه الأزمات بين الحين والآخر، فمع تنامي أعداد البشر وتراجع الموارد الزراعية، وحدوث الظواهر البيئة كالاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة والتقلبات التي تفاجىء الأسواق؛ بات من الضروري الإسراع نحو اقتصاد آمن بقدر الإمكان يعتمد على الإنتاج الصناعي والتجاري والسياحي والتقني، والعمل على تدريب وتأهيل المواطنين والمواطنات وخلق الوظائف وتشجيع الاستثمارات؛ أي بما يتوافق مع الرؤية الطموحة والشجاعة للمملكة.
الوطن آمن وبخير وساعده متين، وقلبه نابض ممتلىء بالضوء كبحر من الأنوار والأقمار المدهشة التي تضيء بلا نهاية.
ليست التنمية المستدامة رغبة وشعارًا فقط؛ بل هي المسار الواقعي الوحيد لنمو الاقتصاد ودفع فرص العمل، لقد حان الوقت لإعطائها الاهتمام والاستثمار اللذين تستحقهما؛ استثمار لنمو مستدام.
إن مزيدا من سياسات مواجهة الفساد وضبط الإنفاق والاستثمار في البُنى التحتية والتحول للتعليم التقني وتشجيع البحث العلمي في الطاقة والمياه وتشجيع الاستثمارات وتوطين الوظائف والمهن ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ كلها من شأنها أن تحقق وتعزز التنمية المستدامة، وتحفِّز الاقتصاد والثقة.
كلنا ندرك حجم التحديات والمخاطر والمشكلات، والأهم أن نؤمن بقدراتنا، وأن نسعى نحو أهدافنا وأحلامنا بإيمان عميق وسعي حثيث لا يتوقف نحو تجاوز الصعاب بخطى واثقة وثابتة على الأرض، فالرسالة التي رغبنا في إيصالها للعالم قد وصلت؛ اقتصاد قوي وثقة تتنامى وعزم لا يلين ودولة كبيرة بحجمها وثقلها ومكانتها، المنتج الأول للنفط والقدرات والتفوق “دولة ضمن أكبر عشرين اقتصاد في العالم”، وهي مكانة لا تنوي المملكة التخلي عنها؛ بل على العكس تسعى لأن تعزز قدراتها وتزيد تعميق اقتصادها والمنافسة والنجاح ضمن منظومة شركائها وحلفائها وكل من يحب الخير والسلام للعالم، فوجه النفط لم يعد بطاقة هوية وتعريف!
فنحن نملك وجهنا العربي والإسلامي، ونعتز بانتمائنا، ونحافظ على هويتنا، وننصر إخواننا، وندعم ونساند كل خير، ونمد كفوفنا بالسلام للعالم قاطبة.
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب