كتبت من قبل متسائلًا تارة ومطالبًا تارةً أخرى بمشاركة النخب من مجتمعنا في بناء الإنسان وتنويره وتثقيفه وتدريبه ومساعدته في تلمُّس بعض حاجاته ، وكنت مستنكرًا آنذاك الخمول بل السبات العجيب.
غير أن ولادة لجنة “عطاء” لأطباء ( خليص) أتت لتدرأ علي استنكاري وتجهض كل علامات التعجب والاستفهام لديّ ، فإنشاء لجنة طبية تضم 36 من الكوادر المميزة بالطب وبمختلف التخصصات ليس بالأمر السهل ، وليست سحابة صيف تمر بنا هكذا دون أن يقف لها المجتمع احترامًا وتقديرًا؛ إذ إن اقتطاع جزء من أوقات الكوادر الطبية يعتبر أمراً من الصعوبة بمكان ، فكلنا يدرك ساعات العمل الطويلة ومقدار الجهد الذي يُبذل مع ارتفاع نسب درجة الانتباه والتركيز في العمل لكونهم يتعاملون مع أجسادنا وأرواحنا ، ومع كل ذلك يتطوع بجزء ثمين من وقته خارج نطاق جغرافية عمله ربما بمئات الكيلومترات ، فهذا ضِرب من كسر قاعدة المستحيلات ، بيد أن أطباء ( خليص ) نجحوا في كتابة رواية طبية تطوعية سيتعب من بعدهم في تحقيق مثلها.
إنها بلا شك ستكون نبراسًا يُستضاء به لمن أراد تحطيم نظريات الصعب الممتنع وغير الممكن ، وجذوة نار لأولئك الطامحين للخيرية.
فيا أيها المصفقون والمتابهون والزاهون بالمظاهر الاجتماعية ، ويا أيها الشعراء المادحون لكل شخصية ، ويا أيها الناس الزاحفون والمشاركون في صفوف تلك المظاهر والتقاليد ، هلَّا كان لهؤلاء النخب الأبطال نصيبٌ من ذلك كله ؟ ، تنطقون شكرًا وتكتبون شعرًا وتلهج ألسنتكم ثناءً ودعاءً لهم ولمن كان خلفهم! ، ويا أيها الإخوة في باقي التخصصات والمهن هل لنا بعد ذلك من عذر في المشاركة ببناء مجتمعنا ومد يد الخير تطوعًا؟! ، وهل سنشاهد عما قريب نخبة من المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات يقتطعون جزءًا من أوقاتهم الثمينة وتخصيصها لدروس التقوية المجانية بأحيائهم؟! ، وقس على ذلك باقي التخصصات من مهندسين وأكاديميين ومدربين وصنَّاع حياة في مختلف المهن والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية؟! ، هل سينبري فريق أو فرق ولجان أخرى تسد ثغرة أو ثغرات من احتياجات مجتمعنا؟! ، هل سيحدث بشروق شمس ” لجنة عطاء ” انقلابًا ربيعيًا بمجتمع يقوده رجالٌ أفذاذٌ ونساء مبادرات لبناء إنسان هذه المحافظة؟!.
شكرًا جزيلًا لهؤلاء المبادرين وشكرًا لكل عضو من أعضاء لجنة (عطاء) ، والشكر موصول للجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بخليص المظلة الرسمية لهذا العطاء المتدفق بإنسانية أربابها.
أحمد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب