في هذه الأيام المباركة تنشط الحركة الرياضية بشكل ملحوظ، إذ تقام الدورات والبطولات الرياضية وتلقى اهتمامًا من شبابنا في عدد من المحافظات التي تتبع منطقة مكة المكرمة، وأعني بها محافظات ( خليص ـ رابغ ـ الكامل ـ الجموم ).
ويصاحب هذه الدورات أنشطة رياضية مختلفة تبرز مواهبًا رياضية وإدارية وفنية في مجال التصوير والإخراج والإعلام، غير أن هذا النشاط الرياضي المُكثّف وتلك الجهود المبذولة تفتقر إلى الجهات الراعية المتخصصة في هذا المجال؛ فيضطر منظمو هذه الدورات إلى اتخاذ بعض اللجان الأهلية مظلات لها، كلجان التنمية أو مراكز الأحياء، ويبقى الأمر عبارة عن اجتهادات فردية وعشوائية لناشطين رياضيين يتلمسون بعض الجهات الراعية أو المساندة لهم لتكون غطاءً يعملون تحته لممارسة النشاط الرياضي.
وفي اعتقادي أن هذه المحافظات ـ الآنف ذكرها ـ لا تُعوّل كثيرًا على إنشاء أندية رياضية فيها ، سواء كانت أندية مبتدئة على الدرجة الأولى، أو أندية على الدرجة الممتازة، وذلك لأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب لها اشتراطات معينة تجيز بموجبها التصريح لأندية بمثل هذه المحافظات؛ لذا يظل الوضع الرياضي العام هناك في حاجة ماسة إلى رعاية شباب المحافظات من ذوي التفوق الرياضي، والاهتمام بهم ورعايتهم وتهيئة كل الظروف البيئية والمكانية التدريبية والفنية كي يبرز من خلالها لاعبون متميزون، وهم بلا شك كثر، فقد حضرت في السنوات الأخيرة العديد من الدورات الرياضية شاهدت فيها الكثير من المواهب التي تستحق أن تكون ضمن صفوف الأندية الكبرى في المنطقة مثل الأهلي والاتحاد والوحدة، بل لا أبالغ إن قلت إنهم يستحقون أن يكونوا من ضمن صفوف المنتخبات السعودية، إلا أن الحواضن لمثل هؤلاء الموهوبين غير متوفرة؛ مما يمنع من وصولهم إلى تلك المستويات المتقدمة.
وسُجل لناشطين ومهتمين في هذا المجال حراك ، كـ عضو الغرفة التجارية الأستاذ حسن شاكر الصحفي حين تبنّى قبل فترة وجيزة جانبًا من هذا الدور ، وأتى برابطة فرق الأحياء وعقد معهم اجتماعًا بمركز أحياء غران ثم اجتماعًا آخرًا كي تتكون فيه ما يسمى ” فرق رابطة الأحياء ” لإقامة دورات تكون أكثر تنشيطًا واستعدادًا واحترافية، إلا أن الأمور لم تَسِر بسهولة، حيث اصطدم هذا الجهد بالمناطقية تارة وبالقبلية تارةً أخرى ، ومما عمل على إضعافه كذلك التناثر الواسع للأحياء والمناطق والمراكز على المستوى الجغرافي مما حال دون نجاح هذا الجهد.
ولا ننسى كذلك الجهد الذي بذله رئيس لجنة الاستثمار الرياضي بالغرفة التجارية الأستاذ ماجد الصحفي، حين استضاف عددًا من مشاهير رجال الأعمال والمستثمرين في المجال الرياضي، وأقيمت حلقة في ” غران ” نُوقِشَ فيها الكثير من مواضيع الاستثمار فكان من ضمن مخرجات هذا اللقاء: التأكيد على أن تلك المحافظات مناطق خصبة للاستثمار الرياضي يجب أن يُلتَفت إليها من رجال الأعمال.
ومن هنا بدا لي بعد طول تفكير أنه لن يُكتب النجاح لأي نادٍ في مثل هذه المحافظات للأسباب الآنفة الذكر، والتي تتلخص في بعد المسافات بين الأحياء والمراكز والمحافظات، وكذلك المناطقية والقبلية التي تعزز هذا الأمر، ولكن دومًا هناك أمل؛ والأمل هنا من وجهة نظري يتمثل في إقامة أكاديميّات رياضية خاصة ينشئها مستثمرون متخصصون في الاستثمار الرياضي، فهذا أدعى إلى النجاح وأقرب إلى الصواب.
وأكاد أجزم أنه من سيأخذ بادرة السبق في هذا الأمر سيُكتَب له النجاح وسيحقق أرباحًا كبيرة ، ويؤكد لي هذا؛ ما شاهدته في الدورات من مواهب واعدة كثيرة سيكون لها مستقبلًا باهرًا لو وجدت الحواضن الرياضية المناسبة.
فالاستثمار الرياضي هو الحل الأمثل والأيسر لهذه المحافظات، فقط علينا أن ننشر فكر الاستثمار الرياضي في المحافظات، وأن ندعم المستثمرين لإنشاء مؤسسات وأكاديميات رياضية فيها؛ لاستقطاب الشباب والكوادر الفنية المتعطشه لهذا النشاط الرياضي الاحترافي، خاصة وأن عملية الهجرة التي كانت فيما سبق من تلك المحافظات إلى المدن القريبة مثل جدة ومكة، أصبحت الآن هجرة عكسية وعودة مرة أخرى لتلك المحافظات بعد أن توفرت فيها الكثير من الخدمات كافتتاح فروع للجامعات، وبدأت المحافظات ترتقي إلى الفئة رقم ” أ ” والتي تتوفر فيها إدارات مستقلة.
الاستثمار الرياضي في هذه المحافظات مُجدٍ ومُربِح ، وإنني أتبنى كرئيس لتحرير “صحيفة غران الإلكترونية” فكرة إعداد لقاء نستضيف فيه مستثمرين وناشطين رياضيين من المحافظات وخارجها يدعى له لجان التنمية ومراكز الأحياء وكل المهتمين بالنشاط الرياضي؛ لكي نتطرق فيه إلى الاستثمار الرياضي، والمناقشة حول الطرق والآليات المناسبة لهذا الاستثمار الذي سيعود على الجميع بالفائدة بما فيهم المستثمر، وكذلك سيكفل ـ بإذن الله ـ توفير بيئة رياضية حاضنة للشباب، تعمل على تبنّيهم وإصقال مهاراتهم، سواء في كرة القدم أو ألعاب القوى أو السباحة، أو أي نشاط رياضي آخر.
فالمستقبل لهذا الاستثمار الذي سوف ينجح ويحقق أرباحًا كبيرةً ومكاسبًا لهذه المحافظات التي تزخر بالمواهب، ولهذا أدعو جميع المهمتين والمختصين للتنسيق لإنجاز هذا اللقاء، واستضافة مستثمرين ومهتمين في مجال الاستثمار الرياضي، وصحيفة غران الإلكترونية على استعدادٍ كاملٍ لاستضافة وتنظيم هذا اللقاء ، إيمانًا منها بأهميته ولتقوم بالدور المنُوط بها تجاه المجتمع الرياضي الشبابي بهذه المحافظات التي تأخرت فيها الحركة الرياضية كثيرًا وعلينا أن نبدأ من اليوم وليس غدًا.
أحمد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب