“أغارُ عليكَ من عـيني ومـني
ومنكَ، ومن زمانكَ والمكانِ
ولو أني خَبَـأتُكَ في عُيـوني
إلى يوم القيامة ما كفاني”
وهل يلام المحب عندما يغار على من يحب ؟! أيلام المحب عندما يسكن حبيبه في تفكيره ويسطر من أجله أجمل تعابيره ؟! إذن فلا تلوموني أن أحب وأغار على ديني الإسلام فهو الحبيب الذي أجد فيه ما يرويني ، وأفتخر بانتمائي له وفي ثنايا تراتيل المحبة أحمل قلباً عشق وطنه الذي اختار كلمة التوحيد ـ لا إله إلا الله محمداً رسول الله ـ شعاره ، والشريعة الإسلامية دستوره .
ولعلي حين أتحدث عن الإسلام أتحدث عن عقيدته التي تحتل الصدارة وموضع الريادة بين أصوله التي أقام الله بها المجتمع الإسلامي فكانت أصل الإسلام وبابه وأساس بنيانه فبدونها لا يصح إسلام ولا يتحقق إيمان فنعمت ولله الحمد بحب أعظم الأديان وخير البلدان .
إلا إنه للحب آداب وواجبات ومن آدابه الاهتمام به ومن واجباته المحافظة على سلامته ، والعقيدة السليمة هي اللبنة الأساسية في بناء شخصية المسلم على مستوى الفكر والسلوك، وهي العنصر الفعّال المحرك لعواطفه والموجه لإرادته.
ومن هنا كدر خاطري وأزعج فؤادي وأشعل فتيل غيرتي أن أرى بعيني ممارسات تنقض العقيدة الإسلامية في الوطن الذي يرفع راية التوحيد بلد الإسلام الأول وفي أشرف الأماكن المقدسة مكة المكرمة بعد زيارة بعض المعتمرين لعرفات .. كيف قام أولئك الزوار بالتبرك بحصى جبل الرحمة وكتابة أسمائهم على الجدران ظناً منهم بأنه ستسهم في عودتهم لمكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، وسألت نفسي من المسؤول عن تفشي الأمية الشرعية وعموم الجهل بعقائد الإسلام وأحكامه، وانتشار الشركيات والبدع والخرافات بشكل مذهل في أوساط كثير من الزوار .
تأملت نوعية الزوار و إذ كثير منهم ممن يأتي للحج والعمرة من البلدان المتفرقة هم من ذوي العواطف الدينية الجياشة الذين يخدعهم جهلهم أو قلة توعيتهم أو توجيه أهل العقائد الفاسدة لهم للإيمان بهذه المعتقدات .
ولو رأيتهم حيارى لا دليل لهم
عليهم مــن ثياب الــذل ألــوان
نعم يسيرون بلا دليل وبلا مرشد يدلهم ويشرح لهم ماهية هذه الأماكن ويوجههم إلى صحة العقيدة والشريعة في كل مكان وزمان سوى بعض المحتسبين المجتهدين الذين لم يترك لهم مصوروا الذكريات وتجار الهدايا طريقاً أو مجالاً للحديث ، خلاف نظرة أولئك الجهلة لهم نظرة ازدراء .. إنها العقيدة إنها العلاقة بين خلق الله وكلام الله ,أو بين العقل السليم والوحي الصحيح فبالعلم تصل إلى الله .
إلى ولاة الأمر والمؤسسات المسؤولة .. من نعم الله علينا أن جعل الله بلادنا معلماً للسياحة الدينية ولذلك جاءت توصيات ولاة الأمر بضرورة تنظيم زيارات الحج والعمرة من خلال المؤسسات وليس الأفراد وبذلك لابد لهذه المؤسسات أن تتحمل مهمة توعية الحاج أو المعتمر عند زيارته للمعالم والآثار الدينية واستغلال أوقات فراغ إقامتهم بالتعاون مع مؤسسات الطوافة ومكاتب الدعوة بجلسات إيمانية في تصحيح العقيدة فكلما توفر العلم والسلطة يمنح العقيدة العز والأمان والحماية من عبث العابثين ولنا في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – في هذه البلاد وانضمام الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – بحماية الدعوة القدوة المثلى .
نسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يعيد لهذه العقيدة عزتها ومكانتها ، وأن يثبتها في قلوبنا وفي بلادنا ، وأن ينشرها في بلاد المسلمين .
عبدالرحيم نافع الصبحي
مقالات سابقة للكاتب