لا أظن أن بلادًا بذلت وتبذل في التعليم عامة، وتعليم القرآن وحفظه خاصة، مثل المملكة العربية السعودية؛ تبني المدارس الخاصة بالتحفيظ وتصرف الأموال الطائلة مكافآت للطلاب وتختار من المعلمين أصحاب الصنعة والإقراء كل من هو جدير بتدريس الطلاب وتحفيظهم القرآن، وتتكفل بحلقات التحفيظ في المساجد وتدر عليهم ما يشجعهم لحفظ كتاب الله، وتقيم لهم المسابقات والدورات أملا في إتقانهم وتمكنهم من كلام الله وتجويده وحفظه.
ويبذل أهل الخير وطالبو الأجر النفيس من المال لجذب الأبناء لحفظ كتاب الله، ويجرون الأرزاق للقراء، ويوقفون الوقوف طمعا في الاهتمام بالقرآن وتعلمه وتدبر معانيه والعمل بأحكامه.
ولكن أين أثر كل ما سبق؟! أين النتيجة ونحن لا نكاد نرى إماما من أئمة المساجد من طلاب التحفيظ من المدارس أو من الحلقات؟! لماذا تغص مساجدنا في رمضان وغير رمضان بالأئمة من غير أبنائنا؟! كيف لا نرى أبناءنا وهم يؤمون حتى ولو في مساجد أو مصليات صغيرة؟! هل هؤلاء الإئمة والذين هم من خارج البلد مأمونون الجانب عقيدة ومنهجا وسلوكا؟! لا أقول فيهم إلا خيرا ولكنه مجرد تساؤل، وهل من الممكن أن يتم التنسيق بين مدارس التحفيظ وحلقات التحفيظ وبين الأوقاف لتوزيع الطلاب المتميزين على المساجد والمصليات؟
إن الطالب الحافظ لكتاب الله يجد التدريب والثقة بالنفس وهو يؤم الجمع ويصبح ذا مقدرة على الأخذ بالمبادرة في مستقبل أيامه، وإن القرآن الكريم وكما ورد في الأثر الكريم أشد تفلتا من الإبل ، ومن المحزن أن يتخرج الطالب في الصف الثالث المتوسط وهو حافظ لكتاب الله، ولا يمضي نصف سنة إلا وقد نسيه وأصبح يتلمسه ولا يجد أكثره.
أهيب بكل من له رأي أن ينظر بعين فاحصة لهذا الموضوع والذي كشف حقيقته المرة شهر رمضان المبارك، أتمنى من كل صاحب اختصاص أن يدرك مساجدنا؛ فقد أصبح الشعب العربي السعودي الذي نزل بشعابه كتاب الله مأموما في بلده إنها الحقيقة المرة ولابد من الاعتراف بها.
مفلح الصاطي الحربي
مقالات سابقة للكاتب