كنا مولعين جداً بكرة القدم ونحن صغار سن ، وندور حيث تدور، نهدم أسوار الشقاء وضيق الحال بكرة نرى فيها كل أنواع الترفيه، وبدونها نشعر بمزيد من التيه ،كان تأثرنا كبيراً حين يأتي دهمان ويسطح كرتنا (قذف الكرة بعيداً فوق سطوح المنازل) دون هدف سوى لفت الأنظار لهذا المشاغب صاحب مبدأ “لعبوني والا أخرب عليكم”، وهو لا يجيد غير ذلك لكنه كان كبير الجسم خفيف العقل ذو سلطة وتسلط قاهر لا نستطيع قهره إلا بالموافقة القهرية له حفاظاً على كرتنا من التسطيح والاغتيال!
هذا المشهد الرياضي البسيط يخفي خلفه سواعد تعلمت وجاهدت حتى ارتقت بنفسها وبمحيطها إلى درجات المجد العلمي والعملي، عدا صاحبنا المسطح دهمان فأصبح مسطحاً في عالم النسيان.
و كـ سنة إلهية دارت كرة الزمن لننسى كرة القدم وصاحبنا المشاغب إياه، وبالتالي ظهر مع وسائل التواصل تسطيح جديد لكنه أشد فتكاً من مجرد تسطيح كرة تتقاذفها الأقدام ، هنا تسطيح للعقول وتغييبها تماماً وذلك عن طريق صناع التفاهة بوسائل الاتصال ، فأصبح أصحاب المحتويات الرديئة والمواد التافهة هم سادة المشهد ومقدمو الترفيه غير البريء، فتهافتت عليهم القنوات الفضائحية تهافت الفراش على النار، استضافة وضيافة وتقدمهم كـ قدوات للشباب والنشء صغار السن دون وازع أخلاقي أو ديني، فالأكثر متابعة هو الأكثر تفاهة.
مع الأسف جل ما يستهدف هم شباب بلاد الحرمين (السعودية) ، فتجد هذا الإغراق في التغييب والتسطيح ما يجعلنا نتوقف ونتساءل: لمصلحة من هذا؟ ولا أظن أن الإجابة تخفى على القارئ الفطن أمثالكم .. طاب فالكم .
محمد سعيد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب