لعبة الانتقام

الصحافة والإعلام أو السلطة الرابعة ، مهنة المصاعب والعمل الشاق ، والتي تلعب دوراً كبيراً في إيضاح الحقائق وتسليط الضوء على مواطن الفساد ، وتعمل على النهوض بالمجتمع من خلال ملاحقتها لذيول الفساد ، وانتقادهم ، وعدم السكوت عن الأخطاء والتجاوزات التي يرتكبها المسؤوليين .

وتعد هذه المهنة من أصعب المهن وأكثرها إرهاقاً ومشقة ، فهي تحتاج للثقافة العالية ، والقدرة على تحمل الضغوطات ، ومواجهة التحديات .

ولقد ساهم تطور وسائل التكنولوجيا وظهور الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور أناس تطفلوا على مهنة الإعلام ، فقاموا بإنشاء صفحات و قنوات لهم هاجموا من خلالها الإعلاميين والصحفيين ، ولم يتقيدوا بأخلاق هذه المهنة ، والسبب بكل بساطة جهلهم بقوانين الصحافة والإعلام ، فهم لم يقوموا بدراسة الصحافة ، ولم يطلعوا على دستورها ومبادئها .

وفي الوقت ذاته قد نجد عدد من الإعلاميين والصحفيين لم يستطيعوا التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل المثالي ، فأساؤوا استخدامها ، وبالتالي أساؤوا للمهنة ولم يتقيدوا بآدابها ، فأصبحت مواقعهم وصفحاتهم منبراً للمهاترات وانتقاد الزملاء ، وأصبح الإعلامي يبحث عن هفوات الإعلامي الآخر ليقوم بنشرها والتشهير به مستغلاً سرعة انتشار الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي ، الأمر الذي فتح المجال لانتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة ، وكل هذا يحدث أمام أعين الناس التي تتابع تلك المواقع والصفحات ، وتلعب الدور الأكبر في نقل الخبر دون التأكد من صدقه .

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وحسب فلقد أتاحت هذه الوسائل الحديثة فرص الانتقام بين الصحفيين والإعلاميين ، فبعدما كانت الخلافات الصحفية والإعلامية تبقى ضمن إطار مؤسسة الصحافة والإعلام ، لا يعلم بها الناس ولا يطلعون على أسبابها ، وأسرارها وخفاياها ، أصبحت هذه الخلافات اليوم معروفة للجميع ، بل إن كل إعلامي يقوم باستخدام أوراقه لإسقاط زميله ، وأصبح تشويه الإعلامي لصورة زميله الإعلامي أمراً سهلاً .

لذلك فقد انتشرت الصراعات العلنية بين الإعلاميين والصحفيين الأمر الذي أساء لهذه المهنة المقدسة وأثر على مستواها ، وأفقدها شيئاً من مصداقيتها ، وساهم في تراجعها .

يجب على الصحفيين والإعلاميين العودة إلى الالتزام بمبادئ وأخلاقيات المهنة والتي تعرف بأنها مجموعة من القواعد والواجبات المسيرة لمهنة الصحافة ، والتي ينبغي على الصحفي الالتزام بها أثناء أدائه لمهامه ، بالإضافة إلى التزامه بالمعايير السلوكية والتي تقوده إلى إنتاج عمل ينال رضا الرأي العام .

كما يجب على الإعلاميين الوقوف وقفة رجل واحد لتخليص هذه المهنة من المتطفلين والذين يسعون لتشويه هذه المهنة من خلال سوء استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي ، وجهلهم بمبادئها ، وكما يجب عليهم حل مشاكلهم وخلافاتهم بشكل فردي ودون أن تعرض هذه المشاكل على وسائل التواصل الاجتماعي ، والابتعاد عن المهاترات التي تحدث على مواقع التواصل ، فإن هذه المهاترات تؤدي إلى الحط من قيمة المهنة وتشويه سمعتها ، وهي التي كان لها دور كبير في تسليط الضوء على عدد كبير من القضايا العالمية والإنسانية ، والمساهمة في حلها .

 

غادة العيدي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “لعبة الانتقام

رويشد الصحفي

الشكر كل الشكر لكِ استاذة غادة على هذا الطرح الجميل والقراءة الشاملة للمشهد الإعلامي الذي نعيشه ونلمسه من خلال حياتنا اليومية من الجانبين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي يتفق العديد مع الكاتبة في تجسيدها للحالة التي يمر بها إعلامنا اليوم التي فتحت الأبواب للجميع حتى من لا يحمل أدوات المهنة ومن لا يعرف حتى معنى ميثاق الشرف الإعلامي وشروطه
يأتي ذلك في ظل عدم وجود نقابة للصحافة والإعلام كماهي موجودة لدى جميع الدول لدينا هيئة للصحافة والاعلام يترأسها الاستاذ تركي السديري يرحمه الله ولكنها لم تُفعّل ولم تكن واضحة المعالم الامر الذي أتاح الفرصة لمن ذكرتهم الكاتبة ونحن نستشرف لمستقبل واعد للصحافة والإعلام في الأيام القادمة بإذن الله تعالى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *