إعادة الحيوية للقرية حتى يستقر فيها السكان، ومن ثم إيجاد ما يناسب أصحاب التجارة، وكذلك إيجاد ما يناسب الزوار مطلب أساسي لأي قرية تبحث عن التميز والرقي، فسكان البرزة عقدوا العزم على أن ينهضوا بقريتهم للوصول بها إلى مصاف القرى المتطورة.
فالبرزة خرجت عن المألوف وبدأت تركز على عناصر التغيير الإيجابي (الفكر، والقناعات، والاهتمامات، والمهارات، والعلاقات، والقدوات) وتعاملت مع تلك العناصر كمبادئ يجب أن توضع بعين الاعتبار، ولأجلها تحركت بوصلة التطوير باتجاه البرزة.
فجنى أهل البرزة أول ثمار ذلك التغيير عندما قدموا برنامج في ملتقى العيد مغايراً عن ما تعود عليه الناس في بقية الملتقيات، بل مغايراً عن ما قدموه في ملتقى عيد العام الماضي.
فالمنظمون تعاملوا مع برامج ملتقى العيد كمنتج يجب أن يعمل على كسب رضا العميل، فكانت الإجابة على السؤال الهام الذي طرحه الفريق المنظم للملتقى هو سر نجاح ملتقى عيد هذا العام؛ وذلك عندما تساءلوا بمستوى عالٍ من الفكر يفهمه جيدا أصحاب الشركات التجارية العظمى: “ما هي القيمة المضافة التي يجب أن نقدمها لسكان البرزة في ملتقى العيد لهذا العام؟”.
فبعد انعقاد عدد من الاجتماعات المثمرة تولدت فكرة تنظيم سباق للجري يعزز مفهوم القرية الإبداعية من خلال الاهتمام بعنصر الحدث المثير، فعملوا على تحقيقه بفتح المجال لمشاركة هواة سباق الجري من داخل البرزة وخارجها عن طريق تنوع مجال الدعاية والإعلان، فكان الإقبال على المشاركة مرضياً للجميع، وكانت مشاركة الفائز الأول في السباق مع مجموعة أخرى من المتسابقين لم تطأ أقدامهم أرض البرزة إلا في ذلك اليوم مؤشراً جيدًا لتحقيق الهدف.
أما القيمة المضافة الأخرى التي قدمها الفريق المنظم لبرنامج العيد؛ والتي تم اقتباسها من عناصر القرية الإبداعية؛ هي الاهتمام بعنصر التراث والثقافة، وكذلك التركيز على عنصر المشاركة في اتخاذ القرار.
وبناءً على ذلك أنشأت مجالس إضافية للإخوة الأشقاء الغير سعوديين الذين يعيشون بين أبناء البرزة، بعد أن تم استدعاؤهم للمشاركة في تنفيذ فقرات البرنامج.
ففي ليلة الاحتفال البهيج أشرقت تلك المجالس ضياءً بنور ساكنيها، وشعروا من خلال الزيارات المتبادلة بالمعنى الحقيقي للحمة الوطنية والأخوة الإسلامية، وحازت فقرات البرامج التي اقتبست من الماضي جمال الحياة وألوانها الزاهية على إعجاب الحضور، وبعد أن انتهى ملتقى عيد هذا العام بنجاحٍ باهر شهد له الجميع من داخل القرية وخارجها.
بقي أن أشير بأن هذا النجاح لا يعني بأن البرزة قد وصلت إلى مفهوم القرية الإبداعية؛ وإنما كان يمثل لها خطوة جيدة في بداية المشوار.
فالطريق أمامنا طويل وعناصر القرية الإبداعية متعددة، ولكن أملنا بعد الله في رجال البرزة كبير جدا، فالحفاظ على هوية البرزة، ووجود رؤية مستقبلية واضحة لمجتمع متعدد ومتكامل، والاهتمام بعناصر الجاذبية والرفاهية، والعمل على جودة الحياة للسكان والزوار، جميعها ملفات قد وضعت على طاولة فريق «البرزة تشكركم».
فهد الصبحي
مقالات سابقة للكاتب