هذه البلاد مَن الله عليها بأن جعلها مهبط الوحي ومنبع الرسالة وقبلة المسلمين؛ فأشرقت منها أنوار التوحيد وعمّت الأرجاء وأضاء سناها جميع البقاع.
كلمة حق أقولها أصالة عن نفسي وعن كل فكر لم يجانبه الصواب: أن ما تقدمه هذه البلاد من خدمات جليلة قد أبهرت فيها دول العالم، فلا يمكن لأي دولة مهما علا شأنها ومهما كان حجمها أن تنفق المبالغ الطائلة في بنية تحتية ضخمة لا يُستهان بها سوى المملكة العربية السعودية.
فقد أنشأت مدينة متكاملة الخدمات من المرافق والمستشفيات وشبكات الاتصالات، بها رجال يدركون معنى شعيرة الحج، وأن الخدمة فيها طاعة للرحمن، ويؤمنون بعظم هذه البلاد الرشيدة، فيعملون ليل نهار في خدمة الحجاج والمعتمرين بروحٍ عالية وسلوك حسن، إضافةً إلى التسهيلات الأخرى من إنفاق وطرق ميسرة لتسهيل تنقلات الحجاج من وإلى المشاعر، وكلها تعمل فترة الحج ومن ثم تغلق لتكون تحت التطوير للعام القادم، كل ذلك لم تنظر له بلادي على أنه مظهرًا سياسيًا أو إعلاميًا تتخذه من أجل أن تكسب رضا المنظمات العالمية، أو تستميل فيه الرأي العام، إنما هي عقيدة تنبع من شريعة الإسلام، وتؤمن بها إيمانًا كاملًا وتستشعرها قيادة وشعبًا وتنفذها على أرض الواقع بصمت، تحتسب فيها الأجر من العلي القدير، ومع كافة الحجاج بمختلف جنسياتهم دون أدنى تفرقة ومن دون مِنَّة.
تعطي وتجزل العطاء بسخاء، وهذا الأمر ليس جديدًا، فمنذ أن قامت هذه البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – حتى عهد ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وهذه الخطى ثابتة وهذا هو النهج لا محالة.
إن تجمعًا لخليط من الناس في مساحة محدودة لأداء المناسك يتطلب تنفيذها في ساعات محدودة وبلغات وثقافات ومذاهب مختلفة، إضافة إلى ما يحدث في العالم العربي والإسلامي من اختلافات مذهبية وما فيها من أحداث سياسية في المنطقة، ومن أجل ضبط كل هذه الجموع البشرية بمراعاة كل هذه الظروف بلا شك يحتاج إلى مهارة فائقة وحنكة وفن إدارة، وهذا ما تحقق ولله الحمد في مواسم الحج تباعًا، حيث تتعامل بلادي مع كافة دول العالم بما يحقق للمسلم القادم من أي بقاع الدنيا سبل التيسير لأداء هذه الشعيرة وتستقبله بكل الحب والاحترام.
فهولاء ضيوف الرحمن هم ضيوف هذه البلاد قيادة وشعبًا، وما نراه في هذا الصدد من مواقف مشرفة من قيادة هذه البلاد في استقبال الحجاج وتقديم ما يحقق سبل الراحة لهم يشعرنا بالفخر أن هذه البلاد لا مثيل لها.
ها هم حجاج بيت الله الحرام يتوافدون من كل صوب يلهجون بالدعاء، ويستعدون لتأدية مناسكهم ويعلنونها مدوية للعالم أجمع أنهم في خير البقاع لما يرونه من تيسير وخدمة يعجز الوصف عنها.
وهو ما يعكس رؤية المملكة في تطوير منظومة الحج لتصل إلى الحد الذي تطمح له قيادة هذه البلاد وشعبها المحب لقيادته ووطنه.
نسأل الله تعالى أن يبارك في جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وسمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل – حفظهم الله – وكل القائمين على رعاية وأمن الحج وتوفير كل سبل الراحة للحجاج والمعتمرين، وأن يكلِّل الله تعالى حج هذا العام وكل عام بالنجاح المبهر بعونه وتوفيقه.
أ. نويفعة الصحفي
مشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص
مقالات سابقة للكاتب