هذا العنوان هو تصريح شهير لأحد رؤساء الوزارة في اليابان ، البلد الذي يقترن اسمه بالجودة والإتقان في كافة المجالاتّ ، لن يكون المقال عن اليابان قطعاً ، لكن من الشاشة نبدأ ، في السابق كان يقال: التعليم والإعلام يبنيان المجتمع ، أما الآن فيقال: الإعلام ، والإعلام ، والإعلام ثم التعليم يبنيان المجتمع !
يفتك الإعلام بالمجتمع بثلاثيته الشهيرة الأفلام والمسلسلات والأغاني فتكاً مريعاً !
لك أن تتصور كم من الجهد يبذله المربون على مستوى الأسرة أو المحاضن التربوية المختلفة خلال سنوات لزرع قيمة أخلاقية في الابن أو الابنة ، ثم يأتي مسلسل واحد فقط حبك قصة وحواراً وإخراجاً فيضيع تعب السنين في ساعات !
وحتى لانقع في خطأ التعميم سوف نركز على الإعلام المدمر والسلبي الذي طغى- مع الأسف – على الإعلام الهادف.
أتذكر تماماً حين فتح باب البث المباشر في بداية التسعينات الميلادية عندها بدأ الناس يتهافتون على استقبال البث دون وعي وإدراك لأبعاد ما خطط له على المدى الطويل من إعادة تشكيل تفكير وقيم المجتمع بحيث يقاد المجتمع إلى نقاط يسهل من خلالها التحكم فيه.
وها نحن نعايش النتائج واقعاً ملموساً نتجرع مرارته بشكل يومي من انتشار العقوق واللامبالاة وعدم احترام الأنظمة والاستخفاف بالعلم والعلماء والسخرية الممنهجة من الأعلام ،والتمرد على القيم والأعراف ، وتكريس النماذج السيئة كقدوة للأجيال من الممثلين والمغنين والمهرجين.
فأصبح لدينا جيل من المغنين والممثلين والمهرجين وأصبحنا نهتم بقنوات الشعر و مزاين الإبل ، والقنوات الرياضية ، ويرصد لها ميزانيات تريليونية ، ولا تسأل عن المنتج !! بينما القنوات الهادفة تشكو بؤساً وحزناً من قلة الدعم الذي يحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها ! ولأن سوق الإعلام السلبي أصبح رائجاً ، لذلك المستهلكون لهذه المنتجات هم الكثرة الغالبة مع الأسف وهم صناعة إعلام رخيص يهمه الربح والربح فقط!
إلى أين نمضي؟ ومن المسئول؟ وهل سيتغير الوضع إلى الأفضل أو إلى الأسوأ؟ هل سيكتفي كل منا بطرح الأسئلة فقط؟
لست متشائماً ولله الحمد والمنة ، لكنني أرجو من كل مقتدر ومهيأ أن يمتطي صهوة الإعلام كاتباً ومفكراً يرجو الخير لأمته أن لا يتردد في المشاركة فالجياد الأصيلة هي التي ستكسب في النهاية، والطريق طويل ويحتاج إلى صبر ومجاهدة حتى يملأ الفراغ بالشيء النافع والمفيد، الذي يبني ولا يهدم.
إضاءة:
قد تجد بعض الأصوات تنادي وتقول دعوا الناس يشاهدون ما يحبون ولا تفرضوا القيود عليهم! ونسوا أو تناسوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :”من رأى منكم منكراً فليغيره….” ، وبالمناسبة حتى في بلاد الكفر والإباحية هناك قيود تفرض على وسائل الإعلام من حيث المادة المعروضة ووقت العرض!
أما لنا في ذلك عبرة ونحن أبناء الإسلام؟!
أبو عمر محمد بن سعيد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب :
1. سياط التغيير
2. مشاريع غران التنموية وآفة النفس القصير
3. أمن أجل الدرجة وصلنا لهذه الدرجة ؟!
4. تنمية البشر قبل تنمية الحجر
5. الساعة 11 … لا أحد يتأخر!!
6. التدجين وتمزيق الكتب
مقالات سابقة للكاتب