مع نسائم الشتاء الحالمة والمفعمة بروح الانتعاش وبديع الصفو والجمال، ومع هذه الليالي التي طالما انتظرها الناس فاتحين لها الشبابيك لتسلم عليهم وتشاركهم الأنس والسمر؛ مع هذا كله بدأت حبيبتي تتنفس، بدأت تشم أريج المساءات الحالمة وتتناغم مع اللمسات الحانية بدأت حبيبتي بالتماهي مع صديقاتها وتقول لهم أنا موجودة رغم مر الغياب وغيهب النسيان وقسوة التجاهل.
تحركت حبيبتي كوردة داعب خديها طل الصباح؛ فابتسمت بثغر ضحوك وعينين أضناهما النوم التي كانت مجبرة عليه.. تفاعلت حبيبتي مع ضحكات الأطفال وهم يطرقون بابها بأن ها قد جئنا فافتحي ذراعيك لنا.
تماهت حبيبة قلبي مع شموخ الشباب وعنفوانهم وهي تراهم يمدون أيديهم لها والكل يقول أنا أستطيع خدمتك، تبتسم حبيبتي وهي تعانق تلك النسوة اللاتي جئن مهنئات مستبشرات وقد كن لوقت طويل اعتقدن أن لا حراك بها.
هذه حبيبتي التي كان لها في الماضي صوتًا ومكانة لا تخفى على أحد، فجاء الحاضر وأنهكها بالتغييب المتعمد والإهمال المتراكم فصارت كعجوز احدودب ظهرها وشاب مفرقها وغيرت تجاعيد الزمن وجهها.
ولكنها تنفست، نعم تنفست.. بدأت تخضر مجددًا وبسرعة كبيرة، وهي في مساء البارحة تحتفل بمهرجان ربيعها الأول (ياااااااه الأول) نعم الأول، تخيلوا أنه الأول، وأترك لكم حجم الألم بعد هذا التعجب!
سنون مرت وأزمنة ولت ولا جديد ولا متغير في محافطتي، حرمت من الاحتفال.. من البهجة.. من التفاعل.. من ضحكات الصغار وزغاريد الفتيات، ولا أعلم السبب!
بعد هذه السنوات جاءها مركز الترجي الرياضي بشبابه المتوثب ورئيسه المتطلع؛ فأعاد البسمة وأسمعنا صوت الضحكات عندما أبدع هؤلاء الكرام في تنفيذ فعالية كبيرة مدهشة في هذه المحافظة، فحق علينا أن نطلق عليهم (مركز إعادة البسمة) ولا أجد من الشكر ما يوفيهم حقهم، ولكنهم سيرون الشكر على عيون الجمهور في كل مساء.
سعدنا كثيرًا ليلة البارحة ونحن نشارك في مهرجان ربيع خليص ولأول مرة في تاريخها وبتفاعل كبير من سعادة محافظ خليص، وبجهد ومتابعة من رئيس لجنة التنمية الاجتماعية بخليص، وبمشاركة العديد من أبناء خليص البررة الذين أثبتوا أن خليص لازالت ذات صبا متجدد ورونق بهي الطلعة، وهي تستطيع أن تكون درة تاج محافظات مكة المكرمة.
شكرا للجميع على ما شاهدت، فبكم أنتم صارت حبيبتي (خليص) تتنفس.
مفلح الصاطي الحربي
مقالات سابقة للكاتب