المدرسة المتميزة ! تلك التي ينظر لها قائدها أنها بيته الثاني وبالتالي يوفر لها مناخا ممتعا بدءً من المظهر الخارجي لها حتى أدق التفاصيل الداخلية حتى تغدو منشأة تسر الناظرين مظهراً ومخبراً . إن سر المدارس المتميزة يكمن في أنها تحظى بقيادة ناجحة.
ومن نافلة القول أنه ليس هناك مدرسة بلا طلاب لذا لابد من تلمس حاجات الطلاب الطبيعية وتوفيرها . وهناك مقولة تنطوي على حكمة بليغة يجب أن يتبناها كل قائد : (كلنا بحاجة الى التقدير)
إن توفير جو من الاحترام والتقدير يشعر به الطلاب من أول يوم دراسي يعد أمراً مهماً ينبغي أن يتحلى به كل عضو في فريق العمل المدرسي . إن مدرسة لا توفر للطالب أبسط حاجاته لن تكون بيئة صحية حاضنة للإبداع أو ميداناً محفزاً على الإنجاز .
مكثت أكثر من ثلاثة عقود في أجواء المدارس وكنت في أغلبها قريبا من الطلاب ومستودعا لأسرارهم ولمست الأثر الايجابي الكبير وحالة الرضا والتوافق النفسي لدى الطلاب حينما تخيم على المدرسة مبادئ الاحترام والتقدير وتسود أجواء الألفة والرحمة.
إن مناسبات التكريم بصوره المتعددة تقوي أواصر المحبة وتعزز مبادئ الانتماء لدى الطلاب. فهذه حفلة استقبال صباحية بسيطة في يوم عادي وهذه حفلة مرطبات في الفسحة تكريماً لصاحب انجاز تحقق وتكريم القائد لطالب داخل غرفة الصف مناسبة لن ينساها !
والاشادة بأحد الطلاب أمام زملائه شرف وانجاز للطالب يفتخر به ورسالة نصية لولي الأمر تشيد بموقف ايجابي لابنه تفعل فعل السحر . كل ذلك يخلق أجواء من الألفة والمحبة يفوح عبيرها وشذاها في أروقة المدرسة .
إن المدرسة المتميزة هي تلك التي تكثر بها مناسبات التكريم وحفلات التتويج وتعج بالوان من التقدير لمعلميها وطلابها وكافة منسوبيها فهذه باقة ورد تقدم لطالب عاد للمدرسة بعد غياب بسبب حادث مروري وذاك معلم يُهنأ بمولود جديد . مناسبات صغيرة لكن الاحتفاء بها يترك أثراً جميلا ويخلق أجواء سعيدة ترفرف على ذلك المكان وساكنيه مودة ومحبة و أُلفة.
إن القائد الجيد هو الذي يغذي معلميه يوميا بأطباق من كلمات الشكر والتقدير وباقات من الثناء العاطر .إن بطاقة صغيرة مكتوب عليها : أنت تستحق التقدير . أو : شكراً على هذا الانجاز . يهديها القائد للمعلم تسعده طوال اليوم ! إن لكلمات الشكر والثناء تأثيرا عجيبا . ومن جميل الأقوال (أن هناك شيئان يحبهما الناس أكثر من الشهرة والمال .. الشكر والتقدير !) فشكرا لك عزيزي القارئ لاستمرارك في القراءة حتى الآن !!
إن أجواء العمل المدرسي بما تحمله من ضغوط وحرارة بحاجة الى صبر جميل ! ومالم يخفف القائد الناجح من درجة الحرارة فيه فعليه أن يستعد لإطفاء الحرائق التي ستنبعث هنا وهناك !
اطلعت على كتاب يحمل عنواناً طريفاً ! : أطعموا المعلمين قبل أن يأكلوا الطلاب !
مهلاً لا تحكموا على الكتاب من عنوانه ! على عكس المثل الشائع الكتاب يقرأ من عنوانه !! الكتاب يتحدث عن القيادة الناجحة في التعليم بأسلوب أدبي رفيع مأ أحوج كل قائد لاقتناء نسخة منه .
أحلم باليوم الذي تكون فيه كل مدارسنا متميزة وعظيمة يسودها التعامل الانساني ولا ينسى معلموها أنهم كانوا طلاباً يوماً ما .
إن أغلب الطلاب يقدمون من بيوتهم وهم يحملون هموما ربما أثقل من حقائبهم التي يحملونها على ظهورهم يقدمون الى مدارسهم وهم يتطلعون الى ابتسامة صادقة ويد حانية تربت على أكتافهم والى كلمة محفزة ترفع من دافعيتهم للتعلم . منتظرين من يفتح لهم بابا للأمل يدركون معه أن للحياة وجهاً آخر جميل !
عبدالرحمن مصلح المزروعي
مرشد طلابي بثانوية عين جالوت بمكة المكرمة (سابقاً)
مقالات سابقة للكاتب