عندما يجتمع الناس على مساحة محددة من الأرض والانتقال من مرحلة التنقل (الرعي) الى الاستقرار(المدنية) يحتاجون إلى نمط معين من إدارة شئونهم المحلية. ثم تطور هذا النمط في مضمونة وأهدافه ووسائله تبعاَ لتطور المجتمع وتجدد وتعدد ولا نهائية حاجاته ورغباته.
لسنا بدعاً من الناس حيث تطورت أنماط وأشكال الإدارة في بلادنا العزيزة تبعاً لحاجات الناس، ومع مرور الوقت انبثق عن نظام الحكم أنظمة المناطق والمجالس المحلية والمجالس البلدية وكلها تصب في مصب تنمية المجتمع والنهوض به إنساناً ومكاناً.
ومع التطبيق لهذه الأنظمة اتضح أن هناك اشتباكاً تنظيمياً بين المجالس الثلاثة وخاصة المجلسين (البلدي، المحلي)، من حيث آلية العمل وتوزيع الأدوار بين المجلسين منعاً لتنازع الصلاحيات التي تعاني من التداخل وعدم الوضوح، حيث أن الهدف الرئيس للمجالس المحلية تطوير مدن ومراكز وقرى المناطق اجتماعياً ، واقتصادياً ، وعمرانياً ، وتوفير الخدمات العامة ورفع كفايتها وتوسيع مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات، ويشاركه الهدف نفسه المجلس البلدي.
نقطة الاشتباك الرئيسية هي ما يخص الخدمات والمرافق العامة حيث هي الأساس في العمل البلدي الذي يقوم بالإشراف والمتابعة والتقرير عنه المجلس البلدي.
يضاف الى ذلك اختلاف المرجعية الإدارية للمجلسين فالمجلس المحلي يرجع في عمله تنظيمياً الى مجلس المنطقة ، والمجلس البلدي يتبع تنظيمياً لوزارة البلدية والقروية.
هذه الصورة المتشابكة من الصلاحيات والمسئوليات عرضت على مجلس الشورى في عام 1433هـ وإلى لحظة كتابة هذه السطور لم يتم فض الاشتباك، ولم يتم الدمج الذي كان يطالب به وقتها.
ما يخص محافظتنا ومجلسيها (المحلي، البلدي)، كانت هناك خطوة في الاتجاه الصحيح حيث تمت المواءمة بين المجلسين وهو توجه جيد للتنسيق والتكامل ستظهر نتائجها الإيجابية في عمل المجلسين مستقبلاً إن شاء الله.
حيث سيكون هناك تعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات التي تخص الخدمات المقدمة للمحافظة ، واشعار كل مجلس للمجلس الآخر بما سيتم مناقشته خلال الاجتماعات فيما يخص المشاريع التنموية منعاً للتكرار وحفظاً للوقت والجهد، وسيكون هناك اجتماعات دورية تنسيقية للمجلسين لتحقيق التكامل بينهما. والسعي المشترك لتحقيق تنمية متوازنة للمحافظة ومراكزها.
وربما تكون من التجارب الرائدة(في حال نجاحها)على مستوى المملكة إذا أعد لها جيداً “تنظيماً ومتابعة”. والله الموفق.
محمد سعيد الصحفي
محاضر الإدارة والقيادة بالكلية التقنية بجدة
مقالات سابقة للكاتب