تزخر المدينة المنورة بالعديد من الآثار والمواقع الأثرية التي تعود إلى عهد النبوة وما بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, ولا تزال العديد من تلك المواقع باقية إلى عهدنا الحاضر، وتشكّل إحدى المحطات التي يقصدها الزائرون القادمون من مختلف البلدان أثناء قدومهم للمدينة المنورة للصلاة في المسجد النبوي، وزيارة الأماكن الدينية والمعالم التاريخية عن سيرة النبي المصطفى، وعصور الإسلام المختلفة.
ويبرز من هذه الآثار “مهاريس أحد” وتعد إحدى المكونات الطبيعية لجبل أحد بالمدينة المنورة, حيث تبرز في الناحية الجنوبية للجبل 3 مهاريس, وإحدى المواقع التي ارتبطت بمواقف خلال معركة أحد, ويقول الباحث المختص في مجال التاريخ والآثار الدكتور تنيضب الفايدي أن جبل أحد يحوي 3 مهاريس أو كما “جرار” لكونها تحتفظ بالماء, حيث أوتي منها بماء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما جرح, ونزف منه الدم خلال أحداث معركة أحد, فطلب عليه الصلاة والسلام ماء ليشرب, فأوتي بماء من المهراس إلا أنه لم يشرب منه لأن الماء في مثل هذه الأماكن ليس متجدداً, ويتغير لون الماء وطعمه, واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال من الماء.
وأوضح الفايدي أن “المهاريس” أو “الجرار” تقع في شعب الجرار بجبل أحد ويحوي 3 مهاريس في الجهة المقابلة لموضع المعركة, مبيناً أن المهراس يطلق على الصدع الموجود في الجبل والذي تتجمع فيه مياه الأمطار بشكل طبيعي, وتسمى “الجرار” لأن تكوينها يشابه “الجرة” ويستخدم لحفظ مياه الأمطار وسط تجمع من الصخور الجبلية, ويستفاد منه في الوضوء والطهارة والشرب بعد هطول الأمطار وجريانها إذا كان الماء نقياً.
وأضاف أن المهاريس تنبت على جنباتها العديد من الأعشاب والنباتات وبعض أنواع الأشجار بمحاذاة الوادي الصغير الذي يرفد الوادي الكبير أسفل الجبل, مضيفاً أن المكان عرف تاريخياً بـ”الجرار” إلا أنه أطلق عليها في السنوات الأخيرة مصطلح “المهاريس”.