مهما تتوفر أسباب التنعم والترفه وتكثر النعم فإنه لابد من قائد يحسن الترشيد ، ويخطط ، ويستنهض الفكر والقدرات ويوكل الأمور لمن يحسن ترتيبها وقيادتها ، فلا ينتظر من القائد أن يباشر بنفسه عملاً إلا لهدف خاص به ، كمتابعة وتقويم وتحفيز ونحو ذلك .
هذا مايحصل من الدكتور فيصل الحازمي محافظ خليص ، فقد استطاع من ناتج فكر وخبرة عنده ورغبة ورؤية أن يصنع سريعاً تغييراً في محافظتنا ، و ظهور التغيير يسهل في الشيء البدائي أسرع من المتطور، فلم يكن سهلاً في محافظة خليص إحداثه بسرعة.
وقد أعجبني وصف أحد المتابعين للميدان الخليصي له وقد سألته عن رأيه فيه فقال : هو رجل يصنع من لاشيء شيئاً ، وبالطبع لايقصد من عدم لكنه قصد أنه من القليل صنع كثيراً .
وقد ذكرني مارأيته في سعادته – من واقع لقاءات به أو مشاهدات لما تم ويتم – ، بقول للجنرال داويت إيزنهاور في القيادة :( القيادة هي قيام شخص آخر غير القائد بعمل شيء يريده القائد لأنه يريد القيام بذلك) وقول (رالف نادر ) : هدف القيادة هو إيجاد قادة آخرين ، لا مزيد من الأتباع ، وهو تعريف لمنهج قيادي راسخ ، شواهده الإسلامية كثيرة جداً.
ولست هنا – وإن استطردت في الكلام – أريد التحدث عن القيادة وإن كنت قد خبرتها سنيناً ، لكني مع الحدث الجديد الذي يفتتح اليوم في أحضان غران التي ستكون قريباً ( مدينة غران) الواجهة القِبْلية لمحافظة خليص وبوابتها الكبيرة ، ولقد أحسنت لجنة المهرجان اختيارها موقعاً له لتوسطها وسهولة وصول الزائرين من المحافظات الأخرى لها حتى من جدة ومكة المكرمة .
وقد رأيت في المهرجان نجاحه قبل بدايته ، وتحقيقه بعض أهدافه مبكراً ، رأيت فيه قادة توجهوا كلهم نحو الهدف ، كباراً قد خطت في جباههم الستون عاماً تجاعيد تاريخها ، وشباباً حفزهم الحدث بنشوته فشمروا يشاركون ، وقد خُطط له بذكاء جعل قاعدة العمل فيه واسعة وأعلاه كرأس المثلث نحو الهدف ، فهو بحق مهرجان عمل ومهرجان أهداف وصناعة مستقبل يعتمد على ثقافة مختلفة لمجتمع معرفي مقبل .. إنه المهرجان الزراعي التراثي الأول في غران والثاني بمحافظتنا خليص بعد مهرجان الدف وفي غضون أشهر .
وبقدر ما يسعد المتابع والقارئ لما في عيني هذين المهرجانين من الجميل والنافع فإن مابين السطور ينبغي ألا يفوت ، فبعض المحكات ناتج مُسْتفِزات ، وكم هي خطيرة بين الثبات والانزلاق ، فنحن أهل قيم ومبادئ دينية واجتماعية وغيرة عربية إسلامية ، نتمسك بها لننطلق نحو العالم الأول ، ولا أخال حساباتها تفوت على مسؤول اختاره المحافظ من ضمن قادة يصنعون له مايريد تحقيقه .
ولا تقل أخي القارئ قولاً في نفسك أو تتمتم به وقد قرأت استدراكي هذا ، وتأمل قول الله تعالى لخير البشر من بعثه هدى ورحمة للعالمين ( وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) ، فحالات السرور كحالات الحزن متغيرات تؤثر في السلوك ومحكات تبين الثبات ، ونواتجها موجبات شكر وموارد زيادة أو عثرات وسقوط ( ولاتجد أكثرهم شاكرين ) .
أحمد مهنا الصحفي
مقالات سابقة للكاتب