منذ إنطلاق مهرجان خليص الزراعي السياحي الترفيهي في مدينة غران وأنا أتابع بشغف ما تنقله لنا صحيفة غران الموقرة من أخبار وزيارات وندوات وأنشطة زها بها المهرجان، ممنيًا نفسي بالحضور على الرغم من بعد المسافة، إلا أنه وإن لم يُقدر الحضور الفعلي، فقد حضرت روحًا وقلبًا من خلال متابعتي لمجريات المهرجان بشكل يومي لعلي أجد ما كنت أمني نفسي به، ألا وهو التكريم لفئة خاصة عزيزة على قلوبنا، على الرغم مما قدمته هذه الفئة إلا أنها لم تحظ بشيء من التكريم، وأني لأرجو أن تكون مدينة غران هي البادئة بهذه المبادرة على أمل أن تحذو حذوها بقية المحافظات والمدن.
فنحن دائماً نسمع عن تكريم فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان ربما لإنجازاته أو إنجازاتها أو شهرته أو شهرتها أو منصبه أو منصبها أو ربما فقط بدون تكريم يكون هناك من اكتسب أو اكتسبت شهرة واسعة لسبب من الأسباب كعالم أو عالمة أو شيخ أو داعية أو منصب وظيفي عالي أو مجال فني أو لعبة رياضية أو عمل تجاري أو صناعي أو ربما عمل بسيط أدى إلى اكتسابه أو اكتسابها شهرة واسعة قد تكون مستمرة أو ربما لأيام أو شهور.
عند تكريم مثل هؤلاء أو ذكر أسمائهم، يكون دائمًا ذكر أبائهم واردًا، وإنما الأم التي حملت وتألمت وتعبت وأرضعت وغسلت واعتنت وسهرت وعملت كل ما بوسعها لتنشيء هذا الذي هو الآن رجلاً أو إمرأة يُشار إليه بالبنان، لم نسمع في يوم من الأيام أنه تم تكريمها، فلم نسمع أنه تم تكريم فلانة بنت فلان لأنها الأم التي انجبت للمجتمع فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان الذي هو أو هي أصبح كذا وكذا، فإن المشاهير يشتهرون ويشتهر معهم آبائهم وكأنه لا يوجد غير هذين الاثنين الذين كانا هما الأصل في الوصول إلى ما وصلوا إليه، أما الأم فإننا لم نسمع في يوم أنه تم تكريمها لما أنجزته بوصول ابنها أو ابنتها لقدر رفيع في مجال ما.
قال الشاعر : الأم مدرسة إذا أعددتها **** أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم التي من المفترض أن يكون لها ذكر في كل انجاز من الانجازات إلا أنها للأسف هي التي لا يذكرها أحداً على الرغم من انجازاتها وأنها هي الأساس في كل شيء، فقد كانت ولا زالت المعلم الأول والمربي الأول والحاضن الأول والمؤثر الأول في حياة كل منا.
كم بودي أن نرى يوماً يتم فيه تكريم الأمهات اللائي ولدن فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان تكريماً يليق بمقام الأم وهي التي جعل الله الجنة تحت أقدامها، وهي التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي سأله عن أولى الناس بصحابته ، قال : أمك .. وكررها ثلاث مرات ثم قال في الرابعة ثم أبوك.
هي دعوة أطلقها من هذه الصحيفة الموقرة والتي كل القائمين عليها بالتأكيد يعرفون المعنى الأسمى للأم، على أمل أن نرى في يوم من الأيام في مهرجانات قادمة أو في حفل سنوي يتم فيه إختيار عشرة شخصيات متميزة في شيء ما، ليست بالضرورة أن يكون التميز بمركز أو منصب عالي، فربما عامل بسيط أو مراسل متواضع يكون متفانياً ومتميزاً في أداء عمله ويستحق أن يُكرم وفي نفس الوقت تُكرم أمه معه، وليس بالضرورة حضورها إن تعذر ذلك، وإنما يكفي ذكرها ومنحها جائزة رمزية.
إن تكريم الأمهات سيكون دافعاً لكثير من الأمهات بزيادة العناية بالنشء الجديد وإعطائهم مساحة أكبر مع كل هذا الحشد الهائل من المسؤوليات والكماليات التي ملأت حياتنا.
نسأل الله أن ترى مثل هذه الفكرة النور على يد من لديه القدرة على تنفيذها.
عبدالعزيز بن مبروك الصحفي
ملبورن – فلوريدا- الولايات المتحدة الأمريكية
مقالات سابقة للكاتب