كنا نحلم بولادتها منذ زمن بعيد .. تمنيناها وسعينا من أجلها .. كنا نمنى أنفسنا أن نراها تكبر وتترعرع بيننا ،وتعيش في كنفنا … تكتحل بمرآها أعيننا كل صباح ، ومساء وهي تنمو وتتوسع ،ويشع نورها ليضيئ كل ما حولها بل ويستفيد به كل من كان حولنا ، أو نزل قريبا منا.
وبعد طول انتظار وترقب أتت المولودة بحمد الله وكانت ولادتها فأل خير على من حولنا في المناطق المجاورة، إذ أتت مع أخوات لها في شرقنا وشمالنا.
طال الفرح الجميع ، ومن شدة فرحنا بها اختلفنا على مكانها، فطالتها الأيدي شدا وجذباً ، وتنازعنا أمرها ، وغلبنا عليها المصالح الفردية الذاتية ، وأغفلنا المصلحة العامة المجتمعية. وأخيرا ظفر بها أصحاب نفوذ وزج بها في مكان سحيق .وليتهم أحسنوا ضيافتها وأنزلوها في دار تستحقها ، وتشرف بها ويشرف بها . بل قذف بها في عقر جبل بوادي غير ذي زرع ، ولا ماء ، ولا بشر !
من خلفها كثبان رملية متحركة ، ومن أمامها جبل ، ومن حولها حجر في أرض لا تنبت شجر إلا شيئ من أثل . وقيل لها على بركة الله شبي ، وترعرعي وإذا هبت عليك الرياح الشمالية تدثري ،وإن شممتي رائحة كريهة أتتك من مزارع (الدواحن) المجاورة فلا تتذمري ولا تشتكي من العزلة .. تأقلمي وتعايشي مع الوضع فهذا هو نصيبك ! وسنزورك خلسة بواسطة نفق عظيم (عبارة لتصريف السيول )!!! هي المنفذ الوحيد لك.
قد يسؤوك أن أخواتك قد أحسن القوم هناك وفادتهما ، ووضعوا لهما متكأ بينهم وأنزلوهما مكاناِ لائقاً ، فغدتا كعروستين جميلتين بهيتين ..
أما أنت فنصيبك أنك وفدتي على قوم ربما أنهم خافوا أن بك جرباً فأبعدوك عن مجاورتهم.. .
لا تسألي من رماك هذه الرمية ، أوحفر قبرك يوم مولدك .. غير أننا نبشرك أن القوم الذين اختلفوا حولك قد اتفقوا على اسمك بالإجماع فاطلقوا عليك (جامعة خليص).
أحمد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب