لا شيء يوطد العلاقة بين المجتمعات مثل التجمعات الثقافية ، فمن خلال هذه التجمعات تتوطد أواصر التعارف والتجانس فيعيش المجتمع وكأنه كتلة واحدة يسوده الوئام والحب والتكاتف ، فلقد عايشنا في الآونة الأخيرة ولمسنا هذا العمل التكاملي ممثلا في مهرجان خليص السياحي الزراعي الترفيهي ، والأهم من ذلك هو تعريف الشباب الذي لم يعايش تراث الآباء والأجداد ، ومن المعلوم أنك مهما تحدثت عن تلك الحقبة ونقلتها شفهياً للشباب فلن يدرك ذلك ويظنها أساطير لا حقيقة لها أو مبالغة فيها ، ولكن عندما تجسد لهم تلك الحكايات والقصص من خلال وضع بعض المقتنيات التي كانت تستعمل في تلك الآونة فبرغم بساطتها فإنها تشكل أيقونة فخر ، فيتخيل الناظر من الشباب الذي عاصر التكنولوجيا والحياة المرفهة فهو يجد كل ما يريد أمامه بدون أدنى جهد ، فعلى سبيل المثال عندما ينظر الشاب إلى الرحى التي كان الآباء والأجداد يطحنون به الحبوب والجهد المبذول حتى يصبح دقيقاً ثم يخبز في التنور أو الميفا يعرف أنه في نعمة يجب شكرها وهو يستطيع في أقل من دقيقة أن يجد الخبز جاهزاً عنده ، وقس على ذلك معظم الأمور كنقل الماء من البئر في القرب وحملها والعناء الذي يتكبده الإنسان في سبيل ذلك ..
لذا فقد وفق أهل هذه المحافظة وعلى رأسهم الرجل النشط جداً صاحب الأيادي البيضاء ، سعادة محافظ خليص الدكتور فيصل بن غازي الحازمي ، الذي قدم للمحافظة من خلال سعيه الدؤوب كل ما كانت تطمح إليه .. نعم وفقوا لعمل هذا المهرجان الذي جمع أهالي كل المحافظة وعلى مدار شهر كامل وهم الذين قلما كانوا يجتمعون بهكذا تجمع ويتعرف كل أهل مدينة أو قرية أو هجرة على ثقافة الآخر. وعلينا ألا ننظر إلى المهرجان على أنه مجرد عروض ترفيهية فقط وعلينا أن نضع في الحسبان وبالدرجة الأولى التعارف والتجانس الذي لمسناه من هذا المهرجان فكانت الفكرة غاية في الروعة ، زد على ذلك أن هذا المهرجان أضحى متنفس لأهالي المحافظة وكم رأيت الغبطة والسرور تعلو الوجوه والدليل على ذلك ما كتب عن المهرجان في صحيفة غران من مقالات وقصائد شعرية وما إلى ذلك ….
وهنا أتساءل .. ماذا بعد هذا المهرجان ؟ ، وهو العنوان الذي كان من بنات أفكار الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالرحيم الشيخ الذي اقترح علي أن أكتب مقالاً عن هذا المهرجان ، نعم فهل نعود كما كنا قبل المهرجان أم أن للمهرجان مخرجات تبني عليها ما استفدناه وما ينبغي أن نبني عليه من آمال في تطوير هذه المحافظة الفتية فمادام أن المحافظة ظفرت برجل كسعادة المحافظ ذو همة عالية فهناك من المشاريع التي يطمح سكان المحافظة للوصول إليها ونيلها من خلا طرح الأفكار التي تتحول إلى واقع وليس ذلك ببعيد المنال بعد عون الله وتوفيقه…
حقيقة برغم أنني لست من أهالي المنطقة لكني والحق يقال إن السنوات التي عشتها بين أهالي المحافظة فأني لمست الابداع في كل أمر يتناوله رجالات هذه المحافظة ونسائها والشيء بالشيء يذكر فإن أخواتي كان لهم تميز ظاهر ولا أدل على ذلك من المنتديات الثقافية التي قمن بها من خلال هذا المهرجان والحضور المميز من قبلهن مما لا ينكره إلا جاحد ، والذي زاد روعة هذا المهرجان الحضور الكبير من قبل وجهاء وأعيان وشخصيات بارزة والذين أشادوا بالتنظيم والإخراج المميز للمهرجان .
ومن الملاحظ أيضاً في هذا المهرجان التنافس الشريف بين المراكز ولن أستطيع أن أقيم إبداع المراكز في تقديم الفنون التي يختص بها كل مركز ، ولقد ظهرت أفكاراً تنافسية تدل على أن في المحافظة عقول ومواهب جبارة يجب أن تستغل وتنمى لصالح الإنسان في هذا المجتمع الذي ينشد الرقي والتقدم في كل مجالات الحياة …
وأخيراً أقولها صراحة .. لم يكن يخرج هذا المهرجان بكل ما فيه من إبداع لولا الإعلام الذي حمل لوائه إعلاميو صحيفة غران الرائدة وعلى رأس هذه الصحيفة الغراء رئيس تحريرها النشط الأستاذ أحمد عناية الله الصحفي ، وهذا يضيف رونقاً وجمالاً فوق جمال مهرجان خليص السياحي الزراعي ، فكل الشكر والتقدير لهذه الصحيفة وكل الكادر من وراء الكواليس الذين أجادوا بحق إخراج صورة مشرفة لمحافظة خليص الفتية .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب