سويعات جميلة .. ستخلّد في ذاكرة كل من حضر .. عشتها فكرًا وقلبًا وشعرت بها فبقيت حاضرةً معي .. وحين هدأ كل شيء في هذا المساء بدأت أسترجع تلك السويعات الجميلة، وتلك الوجوه التي أضاءت المسرح وتلك القلوب التي كانت تخاطبنا همسًا فأمسيت وحالي يحكي مطلع قصيدة الشاعر محمود غنيم:
مالي أرى النجم يرعاني وأرعاهُ أمسى كلانا يعافُ الغَمضَ جَفناه !
فقلت في نفسي أن المدح والثناء والإطراء لا يبلغ مبلغه الصحيح إلا إذا كان في موضعه؛ وأنتن -أيتها الوجوه التي أعني- المكان الصحيح لمدحي وثنائي وإطرائي، والعِقد لا يزدان به الجيد إلا إذا كان الجيد مزدانًا بالحسن ليلتقي الجمال بالجمال.
لا تـزين العقــود جيـدًا إذا لم يك بالحسـنِ قبلها مُزدانــا
رُبَّ دُرٍّ لاقى من الصدرِ دُرّاً
وجمان في البحرِ لاقى جُمانـا*
ولعل قلمي هنا جذبني متنقلًا من هدوء الحدود وتباعد الفروق وتمايز الأرواح وفوارق الأعمار حين التقيت صباح الخميس الثاني عشر من رجب ١٤٣٩هـ جمعًا فريدًا .. فريدًا في الخلق والتعامل مع الآخر .. فريدًا في الحضور والقبول .. فريدًا في الدعم والثناء .. فريدًا في اللطافة ورفع الهمم .. فريدًا حينما أقول فريدًا .. فأنا أعني الفرادة بكل ما تحتويه المفردة من معنى .. فالفريد من لا نظيرَ له في جودته ولا يضاهيه آخر .. متفوق جدًا .. ولهذا الجمع الفريد وقفة جمالية رسمت بها لوحة انتشت لها أرواحنا طربًا .. ومحابري جملًا مسترسلة .. ولساني يلهج بالدعاء دون انقطاع .. ومحياي تعلوه ابتسامة صادقة .. ذلك هو الجمع الذي تمنيت ألا تنتهي لذة حلاوته في داخلي .. ولن تنتهي .. لقد رسمت يومي وأنا أشاركهم جمال هذا اللقاء في ذاكرة خصصتها لهم لأنهم تفردوا عن غيرهم!
لغتي شحيحة .. ومشاعري لم تهدأ .. ومفرداتي انتابها ما نال مشاعري..!
أحبهم نعم .. وأحمل لهم كمًا من الاحترام ومن الرقي ما حمّلونا به من رقيهم ولطافتهم وذوقهم الرفيع .. وروعة ما صنعوا ..!
أتعلمون من أولئك الجمع ؟
إنهن قائدات مدارس محافظة خليص، وأهل ذلك الصرح الشامخ مكتب تعليم خليص للبنات .. أهل العطاء والوفاء.
نعم إنها الحقيقة .. ولعلها هذه المرة أراها بادرة بثوب جديد ولا أجمل حمل مشعلها قائدات الميدان تكريمًا لجهود من كانوا حقًا مدرسة سلوكية حية تستحق التكريم والإشادة.
فلا تلمني يا من تقرأ كلماتي حين أدوِّن ما اكتنف الفؤاد من جميل صنعهم .. نضجهم الثقافي الفكري والاجتماعي كل ذلك تمثَّل في لمسة الوفاء لمن هم أهله من القائدات المترجِّلات عن صهوة القيادة بعد أن أعطين الكثير. الأستاذة مريم الأنصاري، والأستاذة جوهرة الجغثمي، والأستاذة راضية المرامحي، والأستاذة نجاح المغربي، والأستاذة إيمان عدّاس .. حقًا يستحقون الوفاء؛ لأنهم عالم من الهمم والقيم والعطاء غير المحدود، قمم في الكلمة الطيبة والعطاء المذكور المحمود.
فحُق لهم أن يُتوَّجوا بكل جميل صنعوه .. ولتلك النخبة من قائدات المدارس التي سطرت لمعنى التلاحم والألفة سجل من ذهب دوّنت ما دوّنت ولا زال في الجوف كثير من الحديث .. فهم أهل العطاء في صرح تفوح بين أركانه الذكرى الطيبة ورائحة المسك .. شعّ نوره في مركز أحياء غران .. نخبة يُشار لها بالبنان ويحتذى بها بين العموم، ولي الفخر أن أضاهي بذكرهم بين حروفي لتلبس أبجدياتي الحُلل حين ذكرهم.
وأخيرًا .. تحياتي والتي بطنتها في حديثي إلى كل من ينتمي لمكتب تعليم البنات بخليص قليل من فيض اكتنفني .. ذلك الصرح الذي اتسم بتواضع القيادة الباعثه لكل جميل.
أ. نويفعة الصحفي
رئيسة المجلس الاستشاري النسائي
واللجنة الثقافية النسائية بمحافظة خليص
ومشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص
ورئيسة مركز فتاة غران
مقالات سابقة للكاتب