٢٨ / ٨ لِعام ١٤٣٩هـ، في تمام الساعةِ ٦:٠٠ صباحًا..
صوت العصافيرِ تُغني بالقُرب من نافذتي لكِي تُوقضُني من غفوتي .. تُخبُرني بتغريدها عن يُومٍ مُميزٍ ينتظُرُني .. والشمسُ تُداعبُ عيني بأشعتِها الدافئة حتى تُزحزح النوم عني وتُزعجُني .. ونسمات الهواءِ تُحاولُ أن تأخُذ فراشي عني حتي أتحرك من مكاني .. وكأن هذا الصباح حاملاً معهُ التباشير .. حينها علمتُ أنه اليوم الذي انتظرتهُ قد أتى .. اليوم الذي طالما حلمتُ بِه اثني عشر عامًا .. صباح آخر اختبار بالمرحلة الثانوية .. صباح آخر الأيام الدراسية .. صباح الحُلم الجديد .. صباح التباشير .. صباح الأُمنيات .. صباح تحقيق المُراد .. أهلاً يا صباحِي المُميز لِأسترجع مشاعري قليلاً .. لأتذكر كيف وقفتُ خوفًا لأول مرة في طابوري الصباحي وكيف كُنت أرى العالم مُخيفًا من حولي! .. كيف كان الرُعب يسكنُ صدري! .. وصوت النشيد الوطني يعجز لساني عن ترديده مع زميلأتي! .. ولكن كان هُناك شُعلة صغيرة من لهيب الحماس بأن أكبر وأنضج وأُصبح بالمرحلة التي تليها وأخذتني الأيام حتى تُعلن سنة 2012 عن تخُرجي من المرحلة الابتدائية التي كان من خِلفِها إنجازاتُُ لا تُحصى .. ” تفوق، امتياز، مراكز أولى في أكبر المُسابقات وأولها مُسابقة القُرآن الكريم التي أُقيمت بالرياض، خروجي لحفلات لأُنشد ويسمع الملأ صوتي “.
وتأتي من خلِفها المرحلة المتوسطة .. من هُنا بدأ جسر الصُعوبات والعقبات وأكبر الحواجز التي تعرقل خطواتي بأن أواصل! .. هُنا وهُناك ومن مدرسّة إلى مدرسة ساعيةً إلى أن أجد المكان الذي يرعى طموحي .. وتمضي السّنوات حتى تُعلن سنة 2015 عن إتمام دراسة تسع سنوات .. وأقف في المرحلة الثانوية .. وما أجملها من مرحلة وما أروع عناءها .. قد كسبتُ من خلالها أطيب الناس .. من مُعلمات وزميلات وإنجازات أكثر وأكبر .. أثناءها كتبتُ أولى مقالاتي والآن اُسطر هذه .. بسببُها عرفني الكثير واسمي عرفهُ الكثير
وأصبحتُ مصدر فخرٍ للكثير .. ومهما تحدثت لا أجد حروفًا تصفُ هذه المرحله مُطلقًا ..
والآن 2018 أعلنتها بصوتٍ مُرتفع عن إتمام 12 سنة ..
فالحمد لله على نعمة الكّفاح والصبر .. الحمد لله على نعمة سلامة العقل حتى وإن ضعفُ الجسد .. الحمدُلله على كُل شيء ..
لن تكون النهاية بل من هُنا نُقطة البداية ..
وقبل أن أختم مشاعري التي عجزت الحروف أن تُسّطرُها .. أريد أن أشكر أمي .. قد كانت يد عونٍ وسندٍ لي إن فشلت .. وتفاؤلٍ إن تشاءمت .. قد عانت معي كثيراً .. من جميع النواحي .. لن أنسى دعواتها التي ترافقني .. اللهم اجعلها ترافقُني دائمًا .. لن أنسى كيف كانت تُحارب حتى تجعلني أُتمِّم دراستي حتى وإن وقفت المدارس ضد قبولي .. لن أنسى ولن أنسى ومهما تكلمت لن أوفي حق التعب .. سِوى ان أقول شُكرًا لكِ أُمي .. سأظلُ دائمًا مصدر فخرٍ لكِ ..
أبي .. أنجبتني في شبابِك وعُمرك الصغير وأخذتك الحياة بهمها بسببي .. وفُقدان الأمل بان أعيش حياةً طبيعية مثل الأُخريات .. جاهدت وكافحت حتى تُوفِّر لي سُبل العلاج حتى وإن دفعك الأمر أن تُسافر .. وفعلاً قضيتّ تِسِع سنوات تركضُ بي .. حتى وصلت إلى هذه العافية، حتى وإن كانت بسّيطة .. لن أنسى جميع ما قدمته ولن أنسى دعواتك في كُل مرةٍ تقفُ فيها أمام باب العمليات تنتظر خبرًا عني يُريح لك قلبك .. لن أنسّى ولن أنسى .. قد أخذتَ من عُمرك كثيرًا ولا زلت آخذ منه؛ ولكن أتمنى أن تُساعدُني الأيام بأن أُعطيك العُمر الذي قدمته لي ..
أسأل الله أن يُبارك لي في عافيتكُما ويُطيل لي بعُمركُما ..
** وإن كُنت تقرأ هذه الحروف أريد أن أهمس لك سرًا صغيرًا: ” الحياة مُتعِبة .. نعم .. ولكن أزيلوا من قاموسها المُستحيل .. فالله قادرٌ على كُل شيء “، وسرًا أخرًا: ” قد أقبل شهر الخير أتمنى أن يكون اسمي بين دعواتُكم “، وكُل عام وأنتمُ بخير.
شذى أحمد المزروعي
مقالات سابقة للكاتب