دع القلم ..

القلم والكاتب بينهما علاقة عشق لا تنتهي .. بل لا حدود لها، وعندما يلتقيان على صفحة بيضاء نتاجها كلمات تسطر للقارئ .. تحمل أنفاس اللقاء وعبق الفكر .. صافية النبع .. صادقة المعنى ..!، لكن قد يكون ذلك العشق من طرف واحد؛ فالكاتب لا محالة يحب القلم ويعشقه ..!!

لكن القلم لا يهيم بأي كاتب بل أجده وكأني به يقولها لبعض الكتاب: دعني وشأني !!

يقولها وهو حزين .. مغلوبٌ على أمره ..يقولها لك أنت أيه الكاتب .. عندما تحيد بك نفسك عن جادة الصواب وتميل كل الميل إلى مسار ليس مسارك ..!

عندما لا تكون صادق الحرف معنىً ومضمونًا ..

عندما تنسى هموم أمتك وتنشغل في أمور لا طائل منها .. عندما لايكون لدين الله حظ ونصيب في قلمك .. عندما تتبع الهوى بغير نور وبصيرة بدين الله وتسعى للفتن والفرقة وبث الأفكار السيئة .. عندما تبث أفكارك التي تجانب الصواب وتدعي صوابها ..

عندما تنال من أمة الإسلام وتسعى في زعزعة أركانها .. عندما تقلل من جهود غيرك على غير علم و بصيرة ..

عندما تشكك في أمانة الآخرين ونزاهتهم على غير دراية .. فلا خير في قلم لا ينفع صاحبه عند الله تعالى فإذا كان قلمه مصدر ضرر عليه في دينه فبئس القلم وبئس صاحبه وكسره خير من بقائه ..

ألم ترى أيها الكاتب أن الله سبحانه وتعالى قد وبخ أقوامًا في قوله تعالى: (فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم … ) الآية، وهذا من سوء الطالع وعدم التوفيق فالكاتب الذي لا يرعوي عن قول الباطل برغم أن الحق أمامه ماثلٌ للعيان فأخشى أن يكون ممن ابتُلى القلم بهم، فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني!، وليعلم الكاتب أن القلم سيكون شاهدًا له أو عليه فليتخير كل منا ما ينجيه في الآخرة .

إن المسلمين بحاجة ماسه إلى القلم الصادق، القلم الأمين الملهم الذي يأخذ قارئه صدقاً ونصحاً وصفاءً ينشر الحق ، ويحيي السنة ويدل الناس على الخير ، ينصف ويضع الأمور في نصابها ، معتدل يبني ولا يهدم .. يعالج القضايا بتؤدة وروية.

فالقلم أمانة أيها الكاتب فبه حُفظت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من التغيير والزلل ، فإما أن تدرك هذه الأمانة وتسطر للقارئ قيم ومبادئ الإسلام في حياته وتعاملاته وإلا أصبح القلم وبالاً على صاحبه في دينه ودنياه .. فليس كل من حمل الأمانة عرف قدرها!.

فالكتابة رسالة وعقول الناس أمانة والقلم شاهد والموعد القيامة والله يحكم بين عباده.

نويفعة الصحفي

رئيسة المجلس الاستشاري النسائي واللجنة الثقافية النسائية بمحافظة خليص ومشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص ورئيسة مركز فتاة غران.

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “دع القلم ..

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

رائع أستاذة نويفعة
صدقت فمن لم يسخر قلمه لما فيه الخير، فمن الأفضل له أن يغادر ساحة الكتابة.

محمد بن حويمد البشري

وما مِن كاتبٍ إلَّا سيفنَى
ويُبقي الدَّهرُ ما كتبَت يداهُ
فلا تكتُب بكفِّكَ غيرَ شيءٍ
يَسُرُّك في القيامةِ أن تراهُ
**********

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *