ما هي إلا يوم أو يومان وتنتهي أيام شهر رمضان المبارك والذي نختم أيامه بزكاة الفطر إن شاء الله ويقبل علينا شهر شوال والذي نستفتح أول أيامه بصلاة العيد بإذن الله سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ويبلغنا ما نصبوا إليه، إن العيد فرحة وقبل أن يكون فرحة فهو تواصل وصلة رحم وإدخال السرور على قلب الكبير قبل الصغير.. فدعونا نعود قليلًا إلى الماضي لنسترجع كيف كان العيد إلى عهد قريب .. بعد صلاة العيد يجتمع الناس عند مدخل مصلى العيد أو عند باب الجامع يهنئون بعضهم بالعيد تهنئة الأخ لأخيه ثم ينصرفون إلى لقاءات تم التنسيق لها مسبقًا من غير تكلف أو مبالغة حيث يجتمعون في بيت أكبر شخص في الحي أو من يكنون له التقدير لتناول الفطور معه إذ يُحضر كل شخص ما يسره الله له من طعام ليتشارك الجميع في تناول ما أحضره الجميع إضافة إلى ما يقدمه صاحب الدار، وبعدها يتوجهون فرادًا وجماعات لتقديم التهنئة للأقارب والجيران ، هذا ما كان على مستوى الحي إذ أن الإفطار الجماعي هو عبارة عن تكريم وتقدير لصاحب الدار أكثر منه إشباعًا أو رغبة في الأكل وكذلك توطيدًا لعرى الصداقة والجيرة ، أما على مستوى العائلات فإنهم يقررون من أواخر أيام رمضان الاجتماع للفطور عند الأب والأم إن كانا على قيد الحياة أو عند أكبر الأخوان أو الأخوات أو العم أو الخال.
إن الإجتماعات في أيام العيد المباركة وتقديم التهاني ليست شيئًا عابرًا ويمر وليست تقديم واجب جافًا خاليًا من المشاعر، وإنما هي صلة رحم حيث ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه سلم أنه قال ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ : الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ فَهُوَ لَكِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ سورة.. محمد آية 22).
لهذا فإن صلة الرحم عامةً هي واجب ديني كبير علينا كمسلمين فكيف إن تمت في أيام العيد المباركة ، فإن الله سوف يجزي جزاءً عظيمًا كل من أدخل السرور على قلب كبير أو صغير من الأهل والأرحام وحتى من المعارف والأصدقاء والجيران ، فإن كل من بادر بالتوصل مع الأهل والأقرباء والأصدقاء يسر الله له بركة في عمره ورزقه حيث ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) ، فإن التواصل والزيارات عامةً وفي العيد خاصةً ليست حدثًا عابرًا يمر وينتهي وإنما يبقى أثر هذا التواصل لأعوام طويلة راسخًا في القلوب بما فيه من البهجة والسرور.
إن العيد فرصة للتسامح والتواصل والتآخي والتآزر ، فدعونا نعزز هذا النوع من التواصل في هذا العيد حيث يأخذ الأب أبناءه كبارهم وصغارهم إلى بيت والده أو أخاه الأكبر أو أخته الكبرى أو أي قريب أو كبير العائلة وأن يُعودهم على التزاور والمبادرة في فعل الخير وتقديم التهاني للكبير والصغير في مثل هذه المواسم المباركة ونشر المحبة والسرور في نفوسهم ونفوس الآخرين فإن التواصل في أيام العيد ليست فقط عادة وإنما فيها من الآجر الشيء الكثير لما فيها من تعظيم لأحد أهم الأعياد في الدين الإسلامي الذي يستقبله المسلمون بعد صيام شهر رمضان.
نسأل الله أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وأن يجعل أيامنا كلها عيدًا وفرحة وسرورا.
عبدالعزيز مبروك الصحفي
مقالات سابقة للكاتب