هذه قصة أرويها لكم، حديثة الوقوع، قوية السند، لايفصلني عن صاحبتها إلا روايتها لي، فليست من محض خيال، ولا من نسج أحلام ، تلك هي موظفة مع مجموعة موظفات يمثلن عينات من المجتمع النسائي، منهن المتزوجة والمطلقة والأرملة والمبتلاة بخلق زوج سيء يجهل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) أو هو لا يريد أن يتخلق بهذا الخلق ، ورُبَّ ما خفي من سلوكه كان أسوأ !
ومنهن التي لم تتزوج بعد وكما يقولون ( فاتها القطار )! ومنهن لاشك السعيدة الشاكرة، وهؤلاء الموظفات لديهن فراغ في موقع العمل ، كما هو الحال في واقع جملة من ميادين العمل عندنا بسبب وفرة المعينات ولا مهام واضحة ، هدر لا تسلم شخصياتهن من سلبيته، وفي القصة شيء من الطرافة فقد كانت مجالسهن تدور في أحوال بيوتهن وتعامل الأزواج معهن ، وكانت بطلة هذه القصة موظفة تتحدث عن زوجها وكأنه أحد الأنبياء أو الصديقين أو الصالحين (وحسُن أولئك رفيقا) مما أشعل تحسرا في نفوس جملة من اللواتي خيمت عليهن سحائب الفوات المحزنة ، وجددت بعد شبه نسيان عند أخريات ذكريات عمر كانت حين عشنها جميلة ماتعة ترفل في السعادة ثم ركبت قطار القضاء فمضت ، فتحولت مثار حزن ، وسبب حديثها كذلك – وهو الأسوأ – ردات فعل عند بعض الأخريات من صاحبات العقل البسيط الذي تعصف به السذاجة كثيرا فيصدقن ما يسمعن ثم يذهبن إلى بيوتهن وقد امتلأت صدورهن على أزواجهن استهجانا لتعاملهم وشعورا بأنهن مسلوبات الحقوق أو مهانات ، لأنهن جعلن من ( هياط ) تلك الموظفة محكا ومقياسا !
حتى أنه وقعت لبعضهن مشكلات زوجية كبرت حتى خرجت من بيتها وتركت أطفالها وكأنها مطلقة في بيت أهلها بعد أن كانت أميرة معززة، واستكمالًا للقصة:
تلك الموظفة انتقلت إلى مقر عمل جديد وجاء والدها إلى المدير يعرض ظروف ابنته وصعوبة حالها مع زوجها الذي لا يفتر عن الصراخ خصومة ولأتفه الأسباب وبدونها، يخاصم لماذا الثوب هنا وليس هنا ولماذا صبة فنجان القهوة نقص عن نسبة كذا أو زاد ( بالملي يحسبها وعليه يحاسبها ) ويلح والدها ويترجى أن تكون في موقع يساعدها على تلافي نسبة من عنف تعامل زوجها وقليل من خشونة أخلاقه التي حتى هم أهلها ما سلموا منها !!
ويا سبحان الله هذا المدير زوج إحدى زميلات هذه الموظفة التي كانت تروي له عن أسعد زوجة مرت عليها وأفضل زوج سمعت عنه !
– سمعت هذه القصة وما عرفت أن أصفها ! أهي سلوك محمود من هذه الموظفة أم العكس أم هو ضرب من التناقضات التي تشبه بضائع (سوق السكراب) حتى كتبتها لكم عفويا بأسلوب قص يشبهها.
(إن لم تعجبكم ، فلعل ما فيها من طرافة تُسَوِّقُها فتنال من إعجابكم شيئا).
أحمد مهنا الصحفي
مقالات سابقة للكاتب