اتركْ مدرستك الثانوية إلى الأبد!

يشعر البعض منا أننا سنبقى محصورين في المدرسة الثانوية إلى الأبد، وكأنما حدثَ هناك أمرٌ لم نتخلص منه بعد!
فقبل دخولنا المدرسة الثانوية، وأثناء طفولتنا غير المكترثة، كنا حالمين مبدعين مليئين بطاقات وتساؤلات بلا حدود، ولكن حَدَثَ تحولٌ في المدرسة الثانوية، فلأول مرة في حياتنا، بدأنا نخاف مما يفكر فيه الآخرون عنا، وفجأة؛ أصبحت مهمتنا في الحياة هي ألاّ يتم إحراجنا، كنا نخاف أن نبدو سيئين؛ فعزمنا على ألاّ نخاطر.
ففي المرحلتين الابتدائية والمتوسطة كُنا نعيش دون قيود ما يسمى “ماذا سيقول الناس عنا؟”؛ وبذلك كنا نفصح عن ما لا يستطيع الراشدون قوله والإفصاح عنه؛ فكانت الحياة -في تصورنا- رحبة واسعة الفضاء، وتتمدد في أرواحنا الصغيرة بقدر ركضنا فيها.
أما في المرحلة الثانوية، فتبدل الحال عند الكثير؛ فوجدنا الانسحاب من المشهد الاجتماعي بعد أنْ كان له الدور البارز، وأمسى القرين الافتراضي بديلاً لأتراب الطفولة.
لا يدرك أغلب الناس كم هو يسير أن يصل المرء إلى مرحلة عدم الخوف الاجتماعي الذي يرونه، وبدلاً من ذلك، يعيشون وكأنهم لم يغادروا مدرستهم الثانوية ويقضي جل حياته وهو لم يتخرّج ذهنياً منها فنجدهم يتفاعلون مع أحكام الآخرين التي يتخيلونها؛ فينتهي بهم الحال إلى تخطيط حياتهم وفقاً لما قد يظنه الآخرون فيهم.
وتستطيع -بعون الله وتوفيقه- التخلص من تلك العقلية؛ حيث يمكنك تحفيز نفسك بنفسك، بدون اعتماد على آراء الآخرين، وأنْ تنطلق نحو غايتك بعد أن تتسلح بالإيمان بالله تعالى، وبالحكمة في التعامل مع أحداث الحياة على النحو الذي يُقربك من بلوغ غايتك.
وكل ما يتطلبه منك أن تسأل نفسك سؤالاً بسيطاً في مبناه، عميقاً في معناه: هل أحب أن تعتمد حياتي على ما في رأس شخص آخر؟!

سليمان مسلم البلادي

مستشار الوعي الإنساني

solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

5 تعليق على “اتركْ مدرستك الثانوية إلى الأبد!

محمد

أرفع لك قبعة الاحترام والتقدير أستاذ سليمان البلاد … شكرا

حنان غازي المالكي

الحياة مدرسة اساسية والنمو التعليمي ماهو الا مراحل نفهم عن طريقها تلك الحياة. وماكتبته استاذ الوعي يدل انك تخطيت المراحل بفكر عظيم اصبح الآن للجميع مدرسة تختصر الطريق شكرا لفكرك ووعيك أ. سليمان

سليمان مسلم البلادي

ا.محمد.
ا.حنان المالكي.
لكما وافر الشكر والتقدير.

متعب الصعيدي

أجد متعة والله في قراءة مقالاتك أو روشتاتك كما هو اسم الزاوية
قمة الجمال في اختيار الجمل المعبرة والعبارات القصيرة كاملة الدسم بما فيها من علم وحكمة وخبرة
أقف مشدوهاً أمام إبداعك أستاذي الكبير
كم تمنيت أن تسهب في هذا الموضوع وتفيض علينا من بحر علمك وفلسفتك فيه حتى نتشربه ونحيط بكل جوانيه
ومازال السؤال في رأسي لم أجد له جوابا رغم أنني سألت نفسي كما طلبت منا ” هل أحب أن تعتمد حياتي على ما في رأس شخص آخر؟!” وكان الجواب بطبيعة الحال لا.

سليمان مسلم البلادي

الأخ العزيز متعب الصعيدي
ممتن لكريم تعقيبك ولطف كلماتك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *