سَيُعَلمونك أمراً ما!

إنَّ من أفضل الأشياء التي تساعد الإنسان على تحسين حياته، أنْ يتواضع للناس، وألّا يُظهر معرفته وثقافته في كل حين.
تُتيح لك هذه الطريقة الفرصة لأن تقوم بممارسة شيء ما من المحتمل ألّا يكون مقبولاً عندك لأول وهلة.
وكما هو واضح من هذه الطريقة أنَّ فكرتها تكمن في أنْ تتخيل أن جميع من تعرفهم وتقابلهم هم على أفضل درجات المعرفة والاستنارة كحدٍ أعلى، وأنَّ جميع من تتعامل معهم سيعلمونك شيئاً ما كحدٍ أدنى.
فالسائق المتهور في الطريق قد وُجِدَ ليعلمك الصبر، والمراهق الطائش قد قُدِرَ لك أنْ يعلمك حسن التصرف والحفاظ على وقارك، والطالب المشاكس في الصف قد تتعلم منه ضبط النفس على نحو يساهم في إيصال رسالتك التربوية، والعامل البسيط في ثيابه الذي تصطف بجانبه في الصلاة قد جاء ليعلمك أنْ تقلل من اعتمادك على المظهر في حكمك على الأمور.
إنَّ مهمتك تتمثل في أنْ تحاول تحديد ما تتعلمه ممن حولك،ولو فعلتَ ذلك؛ فسيقل شعورك بالضيق والإحباط نتيجة لتصرفات الآخرين وعيوبهم.
إنّه غالباً بمجرد أنْ تكتشف ما يحاول أن يعلمه لك شخص آخر؛ سيكون بمقدورك حينها التحرر من ذلك الشعور الذي يُلوّنُ مزاجك بالكدر والضجر.
فلو كنت في مكتبٍ ما لإنهاء أوراقك الخاصة ولاحظت أنَّ الموظف يتصرف ببطء عن عمد، فالمعتاد أن تشعر بالضيق والغضب، ولكن مع تعلمك لهذه الطريقة الجديدة وغير المعهودة فسيكون تصرفك مغايراً لما تعودت عليه؛ فبدلاً من الشعور بالضيق ستسأل نفسك هذا السؤال:
ماذا يحاول هذا الموظف أن يعلمني؟
في هذا الموقف ربما عليك أن تتعلم التعاطف، فكم هو صعب أن تعمل في وظيفةٍ لا تحبها، أو ربما تتعلم المزيد من الصبر.
إنّك إذا شرعتَ في العمل على هذا النحو من التعامل في حياتك اليومية؛ ستنعم بالسلام والطمأنينة، فبدلاً من إشغال نفسك بِلَوم الآخرين، وإطلاق العنان لإصدار الأحكام والتصنيف على كل ما يمر بك، تنقلك هذه الطريقة إلى السعي إلى إصلاح نفسك وكل ما من شأنه صنع الإيجابية والتحسين في حياتك.
إنَّ كل ما عليك فعله هو تغيير مفهومك من : ” ماذا يفعلون ذلك؟” إلى: “ماذا يحاولون تعليمي؟”.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
@solimanalbiladi

الحلقات السابقة من روشتة وعي

9 تعليق على “سَيُعَلمونك أمراً ما!

فاطمه احمد قاري

رائع كعادتك استاذ سليمان
دعواتي لك بالتوفيق .

غير معروف

جزاك الله خيرا مقال رائع يدل. على رقي الفكر والتواضع
يجعل الانسان يتعايش مع جميع طبقات. المجتمع. ولايلوم احدا حيث طبيعة الحياة تفاوت ف الطبقات
جزاك الله خيرا

متابع ليتعلم

الكاتب عندما يكتب مثل هذه الكلمات، ترتقي بالقارئ أفكاره، يبدأ في بلورتها بطريقة مختلفة.

شكرا لكم أبدعتم.
شكرا صحيفة غران

متعب الصعيدي

الله الله عليك
أقسم بالله درر
وكلام من ذهب
ماشاء الله تبارك الله والله أهنئك على هذه الثقافة والأفق الواسع والحكمة البليغة
كل مرة تنشر فيها مقال نتعلم منك شي جديد
ما ذكرته اليوم في مقالك يستحق منا أن نطبقه في حياتنا التي ستكون أفضل وأجمل بإذن الله
سلمت وسلمت أناملك من الأوخاز

أحمد مهنا الصحفي

هذا من روائع مقالاتك !
وأجزم أنه يمثل من أخلاقك الواقعية كثيرا، وكأني بك كمن صمت لسانه لتتحدث طباعه من معجم أفكاره ..
دمت موفقا .
أشكرك!

محمد الصحفي

رائع وأعجبتني نظرتك المختلفة للأمور
كلنا ننظر للسائق المتهور في الطريق بأنه وسيلة إزعاج وكدر وضيق ولكن أنت علمتنا أن ننظر له من زاوية أخرى من نافذة التعليم فهو يعلمنا الصبر بل ويختبر صبرنا وكثيراً ما نفشل للأسف.
كم تمنيت أن تطيل وتسهب في ضرب الأمثلة.
بارك الله فيك ووفقك

الانصاري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المستشار الفاضل الاستاذ سليمان جزاك الله عنا خير الجزاء على هذه النصائح والتوجيهات التى نحن في امس الحاجه لها فكثيرا من الاحداث والمواقف تستفزنا احيانا والبعض يسبب لنا الاحباط بكل مصداقيه اقول حينما قرأت ما ابدعت في كتابته من توجيهات كانت هناك محصله كبيره من الاستفاده وان لكل مشكله او موقف استفزازي حلول كثيره وان لم تكن حلول منطقيه فلتكن مقبوله وان بعض المواقف والاحداث ان كان ظاهرها الفرح ففي باطنها القسوه وبعضها ظاهرها قسوة وباطنها رحمه وان هذه الحياه ماهي الا لحظات تستحق ان نعيشها في هدوء وراحه وسكينه نسامح ونتجاهل ونحسن الظن والاهم نفوض امورنا لخالقنا سبحانه وتعالى
مستشارنا الفاضل بارك الله فيك ونفعنا بما علمك به من علم وجعله شاهدا لك بحب الخير للجميع وقول الحق لا شاهدا عليك حفظك الله انت ومن تحب

4u

من الغلط نستفيد احيان

ودايم اذا فن مارسناه

لكن من للذي غلطان

عن الخطأ يعلمه ويثناه

نصلح وبالنصح للإنسان

منه انتعلم و علمناه

ان ما لنا دور فالبنيان

انتم وانا وانت ساويناه

سليمان مسلم البلادي

ا.فاطمة قاري.
غير معروف.
متابع ليتعلم.
ا.متعب الصعيدي.
ا.أحمد مهنا.
ا.محمد الصحفي.
ا.الأنصاري.
4u
لكم جميعاً ..
وافر الشكر وعظيم الامتنان لكلماتكم الرائعة وتعقيبكم الثري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *